بغير إذن إمامه الراتب قبله أو بعده أو معه خوف الفتنة إلا إن كان المسجد مطروقا فلا يكره إقامتها فيه، وكذا لو لم يكن مطروقا وليس له إمام راتب، أو له راتب وأذن في إقامتها، أو لم يأذن وضاق المسجد عن الجميع، ومحل الكراهة إذا لم يخف فوات الوقت كما مر.
تتمة: يكره تنزيها أن يؤم الرجل قوما أكثرهم له كارهون لأمر مذموم شرعا، كوال ظالم أو متغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها، أو لا يحترز من النجاسة، أو يمحو هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة، أو يعاشر الفسقة أو نحوهم وإن نصبه لها الإمام الأعظم، لخبر ابن ماجة بإسناد حسن: ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان. والأكثر في حكم الكل. ولا يكره اقتداؤهم به كما ذكره في المجموع، أما إذا كرهه دون الأكثر أو الأكثر لا لأمر مذموم فلا يكره له الإمامة. فإن قيل: إذا كانت الكراهة لأمر مذموم شرعا فلا فرق بين كراهة الأكثر وغيرهم. أجيب بأن صورة المسألة أن يختلفوا في أنه بصفة الكراهة أم لا، فيعتبر قول الأكثر لأنه من باب الرواية. قال في المجموع: ويكره أن يولي الإمام الأعظم على قوم رجلا يكرهه أكثرهم، نص عليه الشافعي، وصرح به صاحب الشامل والتتمة. ولا يكره إن كرهه دون الأكثر، بخلاف الإمامة العظمى فإنها تكره إذا كرهها البعض. ولا يكره أن يؤم من فيهم أبوه أو أخوه الأكبر، لأن الزبير كان يصلي خلف ابنه عبد الله، و أنس كان يصلي خلف ابنه، وأمر النبي (ص) عمرو بن سلمة أن يصلي بقومه وفيهم أبوه.
فصل: يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه. وشروطه سبعة: أحدها: (لا يتقدم) المأموم (على إمامه في الموقف) ولا في مكان القعود أو الاضطجاع، لأن المقتدين بالنبي (ص) وبالخلفاء الراشدين لم ينقل عن أحد منهم ذلك، ولقوله (ص): إنما جعل الإمام ليؤتم به والائتمام: الاتباع، والمتقدم غير تابع. (فإن تقدم) عليه في أثناء صلاته (بطلت في الجديد) الأظهر، أو عند التحرم لم تنعقد، كالتقدم بتكبيرة الاحرام قياسا للمكان على الزمان، ولان المخالفة في الافعال مبطلة كما سيأتي، وهذه المخالفة أفحش. والقديم لا تبطل مع الكراهة، كما لو وقف خلف الصف وحده، نعم يستثنى من ذلك صلاة شدة الخوف كما سيأتي، فإن الجماعة فيها أفضل وإن تقدم بعضهم على بعض، وعلى الجديد لو شك هل هو متقدم أو متأخر كأن كان في ظلمة صحت صلاته مطلقا، لأن الأصل عدم المفسد كما نقله المصنف في فتاويه عن النص وصححه في التحقيق. وقال القاضي حسين: إن جاء من خلفه صحت صلاته وإن جاء من أمامه لم تصح عملا بالأصل فيهما، والأول هو المعتمد الذي قطع به المحققون، وإن قال ابن الرفعة أن الثاني أوجه. (ولا تضر مساواته) لإمامه لعدم المخالفة، لكن مع الكراهة كما في المجموع والتحقيق وإن استبعده السبكي. (ويندب تخلفه) أي المأموم عن الإمام (قليلا) إذا كانا ذكرين غير عاريين بصيرين أو كان الإمام عاريا والمأموم بصيرا أو لا ظلمة تمنع النظر، استعمالا للأدب ولتظهر رتبة الإمام على المأموم. وأما إمامة النسوة وإمام العراة فسيأتي. (والاعتبار) في التقدم وغيره للقائم (بالعقب) وهو مؤخر القدم لا الكعب، فلو تساويا في العقب وتقدمت أصابع المأموم لم يضر. نعم إن كان اعتماده على رؤوس الأصابع ضر كما بحثه الأسنوي، ولو تقدمت عقبه وتأخرت أصابعه ضر، لأن تقدم العقب يستلزم تقدم المنكب. والمراد ما يعتمد عليها، فلو اعتمد على إحدى رجليه وقدم الأخرى على رجل الإمام لم يضر، ولو قدم إحدى رجليه واعتمد عليها لم يضر كما في فتاوى البغوي. والاعتبار للقاعد بالألية كما أفتى به البغوي، أي ولو في التشهد. أما في حال السجود فيظهر أن يكون المعتبر رؤوس الأصابع، ويشمل ذلك الراكب، وهو الظاهر. وما قيل من أن الأقرب فيه الاعتبار بما اعتبروا به في المسابقة بعيد إذ لا يلزم من تقدم إحدى الدابتين على الأخرى تقدم راكبها على راكب الأخرى. وفي المضطجع بالجنب، وفي المستلقي