بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الغنى المغنى الكريم الفتاح. الذي شرح صدور العلماء العاملين في المساء والصباح. بسلوك المنهاج المستقيم، ونور بهم سبل الفلاح. وألبسهم حلل الولاية والكراهة والتعظيم، وأسبل عليهم ألوية الصلاح. والصلاة والسلام على من أشرقت كواكب مجده وسعده في سماء الاسعاد، وكان هاديا مهديا إماما لائمة قبلة الاوشاد، المحمود في السر والاعلان.
المسعود في كل زمان ومكان، القائل: " العلماء ورثة الأنبياء ": أي ولم يورثوا المال، وعلى آله وأصحابه الذين بهم يقتدى في الأعمال، ما أزهرت وتلالات في سماء الصحائف، ولاحت أنوار نجوم الفضال الفرائد، وأزهرت روضة اللطائف، وفاحت أنوار نجوم المسائل والفوائد. احمد على نعمه التي لا نهاية لحدها، واشكره على مننه التي تقصر الألسن عن حصرها وعدها. واشهد ان لا آله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى إخوانه من النبيين، وآل كل وسائر الصالحين، وتابعيهم باحسان إلى يوم الدين.
وبعد: فيقول فقير رحمة ربه القريب (محمد الشربيني الخطيب) لما يسر الله سبحانه وتعالى وله الفضل والمنة الفراغ من شرحي على التنبيه، للعلامة القطب الرباني: أبي إسحاق الشيرازي، قدس الله روحه ونور ضريحه، المشتمل على كثير من مهمات الشروح والمصنفات، وفوائدها ونفاسها المفردات، حمدت الله سبحانه وتعالى على اتمامه، وسألته المزيد من فضله وانعامه. ثم سألني بعض أصحابي ان اجعل مثله على منهاج الإمام الرباني، الشافعي الثاني: محيي الدين النووي، فترددت في ذلك مدة من الزمان، لأني اعرف انى لست من أهل ذلك الشأن، حتى يسر الله لي زيارة سيد المرسلين، صلى الله وسلم عليه وعلى سائر النبيين، والآل والصحب أجمعين، في أول عام تسعمائة وتسعة وخمسين. استخرت الله في حضرته، بعد أن صليت ركعتين في روضة وسألته ان ييسر لي امرى، فشرح الله سبحانه وتعالى لذلك صدري.
فلما رجعت من سفري واستمر ذلك الانشراح معي، شرعت في شرح يوضح من معاني متاني منهاج الإمام للنووي ما خفا، ويفصح عن مفهوم منطوقه بألفاظ تذهب عن الفهم جفا، وتبرز المكنون من جواهره، وتظهر المضمر في سرائره، خال عن الحشو والتطويل، حاو للدليل والتعليل، مبين لما عليه المعول من كلام المتأخرين والأصحاب، عمدة للمفتي وغيره ممن يتحرى الصواب، مهذب الفصول، محقق الفروع والأصول، متوسط الحجم، وخير الأمور أوساطها، لا تفريطها ولا افراطها.
هذا، ولسان التقصير في طول مدحه قصير، والله يعلم المفسد من المصلح واليه المصير.
ولما كان مطالعه بمطالعه يذهب عنه تعب وعنا، وينفى عنه فقر الحاجة عنه فقر الحاجة ويجلب له راحة وغنى. سميته:
مغنى المحتاج: إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج واسال الله تعالى أن يجعله عملا مقرونا بالاخلاص والقبول والاقبال، وفعلا متقبلا مرضيا زكيا يعد من صالح الأعمال وينشره ذكره كما نشر أصله في كل ناد، ويعم نفعه لكل عاكف وباد، ويبلغني وأصحابي وأحبابي والمسلمين من خيري الدنيا والآخرة أملنا، ويختم بالسعادة قولنا وعملنا، انه قريب مجيب، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب.