الاذان) المذكور (بعد الزوال والله أعلم) لدخول وقت الوجوب، فالتشاغل عنه كالاعراض. والظاهر كما بحثه الأسنوي عدم الكراهة في بلد يؤخرون فيها كثيرا كمكة شرفها الله تعالى، أما قبل الزوال فلا كراهة. وهذا مع نفي التحريم بعده وقبل الاذان المذكور محمول كما قال ابن الرفعة على من لم يلزمه السعي حينئذ وإلا فيحرم ذلك.
تتمة: اتفق الأصحاب على كراهة تشبيك الأصابع في طريقه إلى المسجد وفي المسجد يوم الجمعة وغيره، وكذا سائر أنواع العبث ما دام في الصلاة أو منتظرها لأنه في صلاة، وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: إن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة. فإن قيل: روى البخاري أنه (ص) شبك بين أصابعه في المسجد بعد ما سلم من الصلاة عن ركعتين في قصة ذي اليدين وشبك في غيره. أجيب بأن الكراهة إنما هي في حق المصلي وقاصد الصلاة، وهذا كان منه (ص) بعدها في اعتقادها. ويسن إذا أتى المسجد أن يقدم رجله اليمنى في الدخول قائلا: بسم الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. قال المزني: ويصلي على النبي (ص) ويقول :
اللهم اجعلني من أوجه من توجه إليك وأقرب من تقرب إليك وأنجح من دعاك وتضرع وأريح من طلب إليك وروى البيهقي: إن لكم في كل جمعة حجة وعمرة فالحجة التجهيز إلى الجمعة، والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة.
فصل: في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به وجواز الاستخلاف وعدمه. وقد بدأ بالقسم الأول فقال:
(من أدرك) مع إمام الجمعة (ركوع) الركعة (الثانية) المحسوب للامام لا كالمحدث ناسيا كما مر وأتم الركعة معه، (أدرك الجمعة) أي لم تفته، قال (ص): من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة. وقال: من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى رواهما الحاكم وقال في كل منهما: إسناده صحيح على شرط الشيخين. قال في المجموع: وقوله: فليصل هو بضم الياء وفتح الصاد وتشديد اللام. (فيصلي بعد سلام الامام ركعة) إن استمر معه إلى أن سلم، ولو فارقه في التشهد كان الحكم كذلك، فقول المصنف (بعد سلام الامام) جرى على الغالب. فإن قيل: الركعة الأخيرة إنما تحصل بالسلام. أجيب بأن ذلك ممنوع، فقد قال في الام: ومن أدرك ركعة من الجمعة بنى عليها ركعة أخرى وأجزأته الجمعة، وإدراك الركعة أن يدرك الرجل قبل أن يرفع رأسه من الركعة فيركع معه ويسجد اه. وأيضا ما يدركه المسبوق فهو أول صلاته والتشهد ليس في أول صلاته، فقول الشارح: واستمر معه إلى أن سلم لأجل قول المتن فيصلي بعد سلام الامام. وقيد ابن المقري إدراك الجمعة بإدراك الركعة بقوله: إن صحت جمعة الامام أخذا من قول الأذرعي: لو خرج الامام منها قبل السلام فلا جمعة للمأموم والمعتمد أنه ليس بقيد، فقد صرح الأسنوي وغيره بأنه لا يتقيد بذلك، بل إذا أدرك معه ركعة وأتى بأخرى أدرك الجمعة وإن خرج منها الامام كما أن حدثه لا يمنع صحتها لمن خلفه كما مر.
تنبيه: قول المحرر: من أدرك مع الامام ركعة أدرك الجمعة أولى من قول المصنف: من أدرك ركوع الثانية أدرك الجمعة لأن عبارة المحرر تشمل ما لو صلى مع الامام الركعة الأولى وفارقه في الثانية، فإن الجمعة تحصل له بذلك ولا تشملها عبارة المصنف، وعبارة المصنف توهم أن الركوع وحده كاف، فيجوز لمن أدركه إخراج نفسه وإتمامها منفردا وليس مرادا، ولذلك قلت: وأتم الركعة معه، كما صرح به في الروضة كأصلها. ويسن لمن صلى الركعة الثانية من الجمعة منفردا أن يجهر فيها كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في باب صفة الصلاة. (وإن أدركه) أي الامام (بعده) أي بعد ركوع إمامه، (فاتته) أي الجمعة لمفهوم الحديث المتقدم، (فيتم بعد سلامه) أي الامام (ظهرا أربعا) من غير استئناف نية لفوات الجمعة، (والأصح أنه) أي المدرك للامام بعد ركوع الثانية (ينوي في اقتدائه) بالامام (الجمعة) وجوبا كما هو مقتضى