يعبث بل يخشع كما في الصلاة، فلو استقبل القبلة أو استدبرها الحاضرون أجزأ ذلك وكره.
تنبيه: كان ينبغي أن يقول ولا شمالا بزيادة لا كما في الشرح والروضة، لأنه إذا التفت يمينا فقط أو شمالا فقط صدق عليه أن يقال لم يلتفت يمينا ولا شمالا، ولو حذفهما لكان أعم وأحضر. (ويعتمد) ندبا (على سيف أو عصا ونحوه) كقوس، لخبر أبي داود بإسناد حسن: أنه (ص) قام في خطبة الجمعة متوكئا على قوس أو عصا، وحكمته الإشارة إلى أن هذا الدين قام بالسلاح، ولهذا يسن أن يكون ذلك في يده اليسرى كعادة من يريد الجهاد به ويشغل يده اليمنى بحرف المنبر، فإن لم يجد شيئا من ذلك سكن يديه خاشعا بأن يجعل اليمنى على اليسرى أو يرسلهما. ويكره في الخطبة ما ابتدعه الخطباء الجهلة من الإشارة باليد أو غيرها ومن الالتفات في الخطبة الثانية وفي دق الدرج في صعوده المنبر بسيف أو برجله أو نحوها، وإن أفتى ابن عبد السلام باستحبابه والشيخ عماد الدين بن يونس بأنه لا بأس به وقال:
فيه تفخيم للخطبة وتحريك لهمم السامعين وإن كان بدعة، والدعاء إذا انتهى صعوده قبل الجلوس للاذان، وربما توهموا أنها ساعة الإجابة وهو جهل لأنها بعد جلوسه. وأغرب البيضاوي، فقال: يقف في كل مرقاة وقفة خفيفة يسأل الله فيها المعونة والتسديد. ومبالغة الاسراع في الخطبة الثانية وخفض الصوت بها، والمجازفة في وصف السلاطين في الدعاء لهم، ولا بأس بالدعاء لهم إذا لم يكن فيه مجازفة كما مر، إذ يسن الدعاء بإصلاح ولاة الأمور. ويكره الاحتباء، وهو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بثوبه أو يديه أو غيرهما والامام يخطب للنهي عنه، لأنه يجلب النوم فيمنعه الاستماع.
(ويكون جلوسه بينهما) أي بين الخطبتين (نحو سورة الاخلاص) استحبابا، وقيل إيجابا، وقيل يقرأ فيها أو يذكر أو يسكت لم يتعرضوا له، لكن في صحيح ابن حبان: أنه (ص) كان يقرأ فيها وقال القاضي: إن الدعاء فيها مستجاب. ويسن أن يختم الخطبة الثانية بقوله: أستغفر الله لي ولكم. (وإذا فرغ) من الخطبة (شرع المؤذن في الإقامة وبادر الامام ليبلغ المحراب مع فراغه) من الإقامة، كل ذلك مستحب كما في المجموع تحقيقا للموالاة وتخفيفا على الحاضرين. (ويقرأ) ندبا بعد الفاتحة (في) الركعة (الأولى الجمعة، وفي الثانية) بعد الفاتحة (المنافقين) بكمالهما، للاتباع رواه مسلم، فلو ترك الجمعة في الأولى قرأ في الثانية مع المنافقين وإن أدى إلى تطويل الثانية على الأولى لتأكيد السورتين، ولو قرأ بالمنافقين في الأولى قرأ في الثانية. وروي أيضا أنه (ص) كان يقرأ في الجمعة:
* (سبح اسم ربك الاعلى) * و * (هل أتاك حديث الغاشية) * قال في الروضة: كان يقرأ هاتين في وقت وهاتين في وقت. فهما سنتان، وقراءة بعض من ذلك أفضل من قراءة قدره من غيرهما إلا أن يكون ذلك الغير مشتملا على ثناء كآية الكرسي، قاله ابن عبد السلام. ويسن أن تكون القراءة في الجمعة (جهرا) بالاجماع، وهذا من زيادة الكتاب بلا تمييز. ويستحب للمسبوق الجهر في ثانيته كما نقله صاحب الشامل والبحر عن النص. ومن البدع في الخطبة ذكر الشعر فيها، قاله ابن عبد السلام. قال القمولي: ومن البدع المنكرة كتب كثير من الناس الأوراق التي يسمونها حفائظ في آخر جمعة من رمضان في حال الخطبة لما فيها من الاشتغال عن الاستماع والاتعاظ والذكر والدعاء وهو من أشرف الأوقات، وكتابة كلام لا يعرف معناه كعسلهون، وقد يكون دالا على ما ليس بصحيح. ولم ينقل ذلك عن أحد من أهل العلم.
فصل: في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما نذكر معها: (يسن الغسل لحاضرها) أي لمن يريد حضورها وإن لم تجب عليه الجمعة لحديث: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل ولخبر البيهقي بسند صحيح، من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل (وقيل) يسن (لكل أحد) حضر أم لا كالعيد، ويفارق