عليه. (ومن سافر من البلد الآخر) أي الذي لم ير فيه (إلى بلد الرؤية عيد معهم) وجوبا لما مر، سواء أصام ثمانية وعشرين بأن كان رمضان أيضا عندهم ناقصا فوقع عيده معهم في التاسع والعشرين من صومه، أم تسعة وعشرين بأن كان رمضان تاما عندهم. (وقضي يوما) إن صام ثمانية وعشرين لأن الشهر لا يكون كذلك، بخلاف ما إذا صام تسعة وعشرين لا قضاء عليه لأن الشهر يكون كذلك. (و) على الأصح (من أصبح معيدا فسارت سفينته) مثلا (إلى بلدة بعيدة أهلها صيام فالأصح أنه يمسك بقية اليوم) وجوبا لما مر. والثاني: لا يجب إمساكه لأنه لم يرد فيه أثر، وتجزئة اليوم الواحد بإمساك بعضه دون بعض بعيد. ورد الرافعي الاستبعاد المذكور بيوم الشك إذا ثبت الهلال في أثنائه فإنه يجب إمساك باقيه دون أوله. ورده السبكي بأن تبعيض الحكم في يوم الشك في الظاهر، وأما في مسألتنا فهو تبعيض ظاهرا أو باطنا بالنسبة إلى حكم البلدين فيكون كما لو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو بلغ الصبي وهو مفطر فإنه لا يلزمهم الامساك على الأصح، وتتصور المسألة بأن يكون ذلك يوم الثلاثين من صوم البلدين، لكن المنتقل إليهم لم يروه، وبأن يكون التاسع والعشرين من صومهم لتأخر ابتدائه بيوم.
فائدة: في مسند الدارمي وصحيح ابن حبان: أن النبي (ص) كان يقول عند رؤية الهلال: الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والايمان، والسلامة والاسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله. وفي أبي داود كان يقول: هلال خير ورشد مرتين، آمنت بمن خلقك ثلاث مرات. ويسن أن يقرأ بعد ذلك سورة تبارك لاثر فيه، ولأنها المنجية الواقية، قال السبكي: وكان ذلك لأنها ثلاثون آية بعدد أيام الشهر، ولان السكينة تنزل عند قراءتها، وكان (ص) يقرؤها عند النوم.
فصل: في أركان الصوم: وأركانه ثلاثة كما مر: نية، وإمساك عن المفطرات، وصائم. وعبر عنها المصنف بالشروط مشيرا إلى أولها بقوله: (النية شرط للصوم) لقوله (ص): إنما الأعمال بالنيات ومحلها القلب، ولا تكفي باللسان قطعا، ولا يشترط التلفظ بها قطعا كما قاله في الروضة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لو تسحر ليتقوى على الصوم لم يكن ذلك نية، وبه صرح في العدة. والمعتمد أنه لو تسحر ليصوم، أو شرب لدفع العطش نهارا، أو امتنع من الاكل أو الشرب أو الجماع خوف طلوع الفجر كان ذلك نية إن خطر بباله الصوم بالصفات التي يشترط التعرض لها لتضمن كل منها قصد الصوم. (ويشترط لفرضه) أي الصوم من رمضان أو غيره كقضاء أو نذر (التبييت) وهو إيقاع النية ليلا لقوله (ص): من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له رواه الدارقطني وغيره وصححوه، وهو محمول على الفرض بقرينة خبر عائشة الآتي. ولا بد من التبييت لكل يوم، لظاهر الخبر، ولان صوم كل يوم عبادة مستقلة لتخلل اليومين مما يناقض الصوم كالصلاة يتخللها السلام. وكلام المصنف قد يخرج الصبي المميز فإنه لا فرض عليه، والمعتمد كما في المجموع تبعا للروياني وغيره أنه كالبالغ في ذلك. قال الروياني:
وليس لنا صوم نفل يشترط فيه التبييت إلا هذا. ويؤخذ من تعبير المصنف بالشرط أنه لو شك هل كانت نيته قبل الفجر أو بعده لم يصح صومه، وهو كذلك كما صرح به في المجموع لأن الأصل عدم تقدمها. ولو نوى ثم شك هل طلع الفجر أو لا صح لأن الأصل بقاء الليل. ولو شك نهارا هل نوى ليلا ثم تذكر ولو بعد مضي أكثر النهار أجزأه صومه، فإن لم يتذكر بالنهار لم يجزه لأن الأصل عدم النية ولم تنجبر بالتذكر نهارا. ومقتضى هذا أنه لو تذكر بعد الغروب لم يجزه، والظاهر الاجزاء كما قاله الأذرعي. ولو شك بعد الغروب هل نوى أو لا ولم يتذكر لم يؤثر أخذا من قولهم في صوم الكفارة: إنه لو شك بعد الغروب هل نوى أو لا أجزأه، وهذا هو المعتمد، والفرق بينه وبين الصلاة فيما إذا شك