مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
ترتيب نفسه ولا يتابعه، ففي الجنازة إذا كبر الإمام الثانية يخير بين أن يفارقه أو ينتظر سلامه، ولا يتابعه في التكبير وفي الكسوف يتابعه في الركوع الأول ثم يرفع ويفارقه أو ينتظره راكعا إلى أن يركع ثانيا فيعتدل ويسجد معه، ولا ينتظره بعد الرفع لما فيه من تطويل الركن القصير. ومحل الأول إذا صلى الكسوف على الوجه الأكمل. أما إذا فعلت ركعتين فقط كصلاة الصبح فتصح القدوة به، ومحله أيضا في غير ثاني قيام ثانية الكسوف، أما فيه فتصح لعدم المخالفة بعدها. قال الأسنوي: ولا إشكال إذا اقتدى به في التشهد، قال: ومنع الاقتداء بمن يصلي جنازة أو كسوفا مشكل، بل ينبغي أن يصح لأن الاقتداء به في القيام لا مخالفة فيه، ثم إذا انتهى إلى الافعال المخالفة فإن فارقه استمرت الصحة وإلا بطلت كمن صلى في ثوب ترى عورته منه إذا ركع بل أولى، فينبغي حمل كلامهم على ما ذكرناه. وأجيب بأن المبطل لم يعرض بعد الانعقاد، وهذا موجود عنده وهو اختلاف فعل الصلاتين الذي تتعذر معه المتابعة بعد الاقتداء. قال البلقيني:
وسجود التلاوة والشكر كصلاة الجنازة والكسوف. والشرط السادس من شروط الاقتداء: موافقة الإمام في أفعال الصلاة، فإن ترك الإمام فرضا لم يتابعه في تركه لأنه إن تعمده فصلاته باطلة وإلا ففعله غير معتد به، أو ترك سنة أتى هو بها إن لم يفحش تخلفه لها كجلسة الاستراحة وقنوت يدرك معه السجدة الأولى كما مر، لأن ذلك تخلف يسير. أما إذا فحش التخلف لها كسجود التلاوة والتشهد الأول فلا يأتي بها، لخبر: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلو اشتغل به بطلت صلاته لعدوله عن فرض المتابعة إلى سنة، ويخالف سجود السهو والتسليمة الثانية لأنه يفعله بعد فراغ الإمام. والشرط السابع من شروط الاقتداء المتابعة في أفعال الصلاة كما قال.
فصل: (تجب متابعة الإمام في أفعال الصلاة) لا في أقوالها على ما سيأتي. وكمال المتابعة يحصل (بأن يتأخر ابتداء فعله) أي المأموم (عن ابتدائه) أي الإمام، أي ابتداء فعل الإمام، (ويتقدم) ابتداء فعل المأموم (على فراغه) أي الإمام (منه) أي من الفعل، ففي الصحيحين: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا، وأفهم تحريم التقدم في الافعال وإن لم تبطل كأن سبقه بركن. واحترز بالافعال عن الأقوال كالتشهد والقراءة، فإنه يجوز فيها التقدم والتأخر إلا في تكبيرة الاحرام كما يعلم مما سيأتي، وإلا في السلام فيبطل تقدمه إلا أن ينوي المفارقة، ففيه الخلاف فيمن نواها، وما وقع لابن الرفعة ومتابعيه من أنه لا يبطل خلاف المنقول. فإن قيل: تفسيره المتابعة بما ذكر يناقضه قوله بعد: فإن قارنه لم يضر. أجيب بأن مراده بيان المتابعة الكاملة كما قدرته في كلامه، أو بأن قوله أولا: تجب المتابعة، أي في الجملة، وهو الحكم على المجموع من أحوال المتابعة لا حكم كل فرد فرد. ولا شك أن المتابعة في كلها واجبة والتقدم بجميعها مبطل بلا خلاف. والحكم ثانيا بأنه لا يضر إنما ذكره للحكم من حيث الافراد، والحكم على الكل غير الحكم على الافراد، وهذا كقول الشيخ في التنبيه: من السنن الطهارة ثلاثا ثلاثا مع أن الأولى واجبة، وإنما أراد الحكم على الجملة من حيث هي، وحيث أمكن الجمع ولو بوجه بعيد فهو أولى من التناقض. فإن قيل: يرد الجواب الأول ذكر ما ذكر عقب قوله: تجب متابعة الإمام، وذلك يقتضي أنه أراد تفسير المتابعة الواجبة. أجيب بأن هذا كقولنا تجب الصلاة بفعل كذا وكذا، فيذكر أولا وجوبها ثم يفسر كمالها. ولو عبر المصنف بالتبعية بدل المتابعة لكان أولى، لأن المتابعة تقتضي المفاعلة غالبا. (فإن قارنه) في فعل أو قول (لم يضر) أي لم يأثم، لأن القدوة منتظمة لا مخالفة فيها، نعم هي مكروهة ومفوتة لفضيلة الجماعة لارتكابه المكروه. قال الزركشي: ويجري ذلك في سائر المكروهات أي المتعلقة بالجماعة، وضابطه أنه حيث فعل مكروها مع الجماعة من مخالفة مأمور به في الموافقة والمتابعة كالانفراد عنهم فإن فضلها، إذ المكروه لا ثواب فيه، مع أن صلاته جماعة إذ لا يلزم من انتفاء فضلها انتفاؤها. فإن قيل: فما فائدة حصول الجماعة مع انتفاء الثواب فيها؟ أجيب بأن فائدته سقوط الاثم على القول بوجوبها إما على العين أو على الكفاية، والكراهة على القول بأنها سنة مؤكدة لقيام الشعار ظاهرا. وهل المراد بالمقارنة المفوتة لذلك المقارنة في جميع الأفعال أو يكتفي
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532