مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٥٢
ارتفاع المأموم على إمامه وعكسه) أما الثاني فللنهي عنه كما أخرجه أبو داود والحاكم، وأما الأول فقياسا على الثاني، هذا إذا أمكن وقوفهما على مستو، وإلا فلا كراهة، ولا فرق في ذلك بين أن يكونا في مسجد أو لا. (إلا لحاجة) تتعلق بالصلاة، كتعليم الإمام المأمومين صفة الصلاة كما ثبت في الصحيحين، وكتبليغ المأموم تكبير الإمام. (فيستحب) ارتفاعهما لذلك.
(ولا يقوم) ندبا غير المقيم من مريدي الصلاة قائما، (حتى يفرغ المؤذن) أو غيره (من الإقامة) ولو كان شيخا، لأنه ما لم يفرغ منهما لم يحضر وقت الدخول، وهو قبل التمام مشغول بالإجابة. أما العاجز عن القيام فيقعد أو يضطجع أو نحو ذلك حينئذ، ولذلك قال في الكفاية: ولعل المراد بالقيام التوجه ليشمل المصلي قاعدا أو مضطجعا، ومنه قوله تعالى:
* (وقوموا لله قانتين) *.
تنبيه: قد يفهم كلامه أن الداخل والمؤذن في الإقامة يجلس ليقوم إليها، وبه قال الشيخ أبو حامد، لكن الأصح في المجموع خلافه. ولو حذف لفظ المؤذن وقال بعد الفراغ من الإقامة لكان أخصر وليشمل ما قدرته، إذ قد يقيم غير المؤذن، لكنه جرى على الغالب فلا مفهوم له. أما المقيم فيقيم قائما إذا كان قادرا فإن القيام من سننها، نبه على ذلك المحب الطبري، وهو ظاهر. (ولا يبتدئ) مريد فعل الفريضة المقام لها مع الجماعة الحاضرة ندبا، (نفلا بعد شروعه) أي المقيم (فيها) أي الإقامة، بل يكره له ذلك لخبر مسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي معنى الشروع قرب إقامتها. (فإن كان فيه) أي النفل (أتمه) ندبا، (إن لم يخش) أي يخفف بإتمامه (فوت الجماعة) بسلام الإمام، (والله أعلم) لقوله تعالى: * (ولا تبطلوا أعمالكم) * فإن خاف فوتها، فإن كانت الجماعة في غير الجمعة قطع النافلة لها ندبا وإلا فوجوبا. نعم إن علم إدراك جماعة أخرى لتلاحق الناس، فالمتجه إتمامه، وحينئذ فيحمل لفظ الجماعة على الجنس لا المعهودة وهي التي أقيمت، نبه على ذلك الأسنوي.
تتمة: لو أقيمت الجماعة والمنفرد يصلي حاضرة صبحا أو ثلاثية أو رباعية وقد قام في الأخيرتين إلى ثالثة أتم صلاته ودخل في الجماعة، وإن لم يقم فيها إلى ثالثة استحب له قلبها نفلا ويقتصر على ركعتين ثم يدخل في الجماعة. نعم إن خشي فوت الجماعة لو أتم الركعتين استحب له قطع صلاته واستئنافها جماعة، ذكره في المجموع، وجزم في التحقيق بأن محل ذلك أيضا إذا تحقق إتمامها في الوقت. لو سلم من ركعتين وإلا حرم السلام منهما. أما إذا كان يصلي في فائتة فلا يقلبها نفلا ليصليها جماعة في حاضرة أو فائتة أخرى، فإن كانت الجماعة في تلك الفائتة بعينها ولم يكن القضاء فوريا جاز له قطعها من غير ندب وإلا فلا يجوز كما قاله الزركشي، ويجب قلب الفائتة نفلا إن خشي فوت الحاضرة. والشرط الرابع من شروط الاقتداء ما ذكره بقوله:
فصل: شرط القدوة: أي شرط صحتها في الابتداء (أن ينوي المأموم مع التكبير) للاحرام (الاقتداء) أو الائتمام (أو الجماعة) بالإمام الحاضر إما مأموما أو مؤتما به، لأن التبعية عمل فافتقرت إلى نية إذ ليس للمرء إلا ما نوى، ولا يكفي كما قال الأذرعي إطلاق نية الاقتداء من غير إضافة إلى الإمام. واعتبر اقترانها بالتكبير كسائر ما يجب التعرض له من صفات صلاته، وهذا في غير من أحرم منفردا ثم نوى متابعة الإمام فإنه جائز كما سيأتي. فإن قيل: الاكتفاء بنية الجماعة مشكل إذ ليس فيها ربط فعله بفعل غيره لأنها مشتركة بين الإمام والمأموم. أجيب بأنها تتعين بالقرينة الحالية للاقتداء وللإمامة، فإن أضاف الجماعة إلى ما قدرته في كلام المصنف زال الاشكال بالكلية. (والجمعة كغيرها) في اشتراط النية المذكورة (على الصحيح) فيشترط مقارنتها للتكبير لتعلق صلاته بصلاة الإمام، فإن لم ينو ذلك انعقدت صلاته منفردا إلا في الجمعة
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532