ارتفاع المأموم على إمامه وعكسه) أما الثاني فللنهي عنه كما أخرجه أبو داود والحاكم، وأما الأول فقياسا على الثاني، هذا إذا أمكن وقوفهما على مستو، وإلا فلا كراهة، ولا فرق في ذلك بين أن يكونا في مسجد أو لا. (إلا لحاجة) تتعلق بالصلاة، كتعليم الإمام المأمومين صفة الصلاة كما ثبت في الصحيحين، وكتبليغ المأموم تكبير الإمام. (فيستحب) ارتفاعهما لذلك.
(ولا يقوم) ندبا غير المقيم من مريدي الصلاة قائما، (حتى يفرغ المؤذن) أو غيره (من الإقامة) ولو كان شيخا، لأنه ما لم يفرغ منهما لم يحضر وقت الدخول، وهو قبل التمام مشغول بالإجابة. أما العاجز عن القيام فيقعد أو يضطجع أو نحو ذلك حينئذ، ولذلك قال في الكفاية: ولعل المراد بالقيام التوجه ليشمل المصلي قاعدا أو مضطجعا، ومنه قوله تعالى:
* (وقوموا لله قانتين) *.
تنبيه: قد يفهم كلامه أن الداخل والمؤذن في الإقامة يجلس ليقوم إليها، وبه قال الشيخ أبو حامد، لكن الأصح في المجموع خلافه. ولو حذف لفظ المؤذن وقال بعد الفراغ من الإقامة لكان أخصر وليشمل ما قدرته، إذ قد يقيم غير المؤذن، لكنه جرى على الغالب فلا مفهوم له. أما المقيم فيقيم قائما إذا كان قادرا فإن القيام من سننها، نبه على ذلك المحب الطبري، وهو ظاهر. (ولا يبتدئ) مريد فعل الفريضة المقام لها مع الجماعة الحاضرة ندبا، (نفلا بعد شروعه) أي المقيم (فيها) أي الإقامة، بل يكره له ذلك لخبر مسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي معنى الشروع قرب إقامتها. (فإن كان فيه) أي النفل (أتمه) ندبا، (إن لم يخش) أي يخفف بإتمامه (فوت الجماعة) بسلام الإمام، (والله أعلم) لقوله تعالى: * (ولا تبطلوا أعمالكم) * فإن خاف فوتها، فإن كانت الجماعة في غير الجمعة قطع النافلة لها ندبا وإلا فوجوبا. نعم إن علم إدراك جماعة أخرى لتلاحق الناس، فالمتجه إتمامه، وحينئذ فيحمل لفظ الجماعة على الجنس لا المعهودة وهي التي أقيمت، نبه على ذلك الأسنوي.
تتمة: لو أقيمت الجماعة والمنفرد يصلي حاضرة صبحا أو ثلاثية أو رباعية وقد قام في الأخيرتين إلى ثالثة أتم صلاته ودخل في الجماعة، وإن لم يقم فيها إلى ثالثة استحب له قلبها نفلا ويقتصر على ركعتين ثم يدخل في الجماعة. نعم إن خشي فوت الجماعة لو أتم الركعتين استحب له قطع صلاته واستئنافها جماعة، ذكره في المجموع، وجزم في التحقيق بأن محل ذلك أيضا إذا تحقق إتمامها في الوقت. لو سلم من ركعتين وإلا حرم السلام منهما. أما إذا كان يصلي في فائتة فلا يقلبها نفلا ليصليها جماعة في حاضرة أو فائتة أخرى، فإن كانت الجماعة في تلك الفائتة بعينها ولم يكن القضاء فوريا جاز له قطعها من غير ندب وإلا فلا يجوز كما قاله الزركشي، ويجب قلب الفائتة نفلا إن خشي فوت الحاضرة. والشرط الرابع من شروط الاقتداء ما ذكره بقوله:
فصل: شرط القدوة: أي شرط صحتها في الابتداء (أن ينوي المأموم مع التكبير) للاحرام (الاقتداء) أو الائتمام (أو الجماعة) بالإمام الحاضر إما مأموما أو مؤتما به، لأن التبعية عمل فافتقرت إلى نية إذ ليس للمرء إلا ما نوى، ولا يكفي كما قال الأذرعي إطلاق نية الاقتداء من غير إضافة إلى الإمام. واعتبر اقترانها بالتكبير كسائر ما يجب التعرض له من صفات صلاته، وهذا في غير من أحرم منفردا ثم نوى متابعة الإمام فإنه جائز كما سيأتي. فإن قيل: الاكتفاء بنية الجماعة مشكل إذ ليس فيها ربط فعله بفعل غيره لأنها مشتركة بين الإمام والمأموم. أجيب بأنها تتعين بالقرينة الحالية للاقتداء وللإمامة، فإن أضاف الجماعة إلى ما قدرته في كلام المصنف زال الاشكال بالكلية. (والجمعة كغيرها) في اشتراط النية المذكورة (على الصحيح) فيشترط مقارنتها للتكبير لتعلق صلاته بصلاة الإمام، فإن لم ينو ذلك انعقدت صلاته منفردا إلا في الجمعة