موضعا يعرفها أهل المدينة. ويسن زيارة البقيع وقباء. وأن يأتي بئر أريس فيشرب منها ويتوضأ، وكذلك بقية الآبار السبعة، وقد نظمها بعضهم في بيت، فقال:
أريس وغرس رومة وبضاعة كذا بصه قل بير حاء مع العهن وينبغي المحافظة على الصلاة في مسجده الذي كان في زمنه يصلي فيه، فالصلاة فيه بألف صلاة. وليحذر من الطواف بقبره (ص) ومن الصلاة داخل الحجرة بقصد تعظيمه. ويكره إلصاق الظهر والبطن بجدار القبر كراهة شديدة، ويكره مسحه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد عنه كما لو كان بحضرته (ص) في حياته. ويسن أن يصوم بالمدينة ما أمكنه، وأن يتصدق على جيران رسول الله (ص) المقيمين والغرباء بما أمكنه. وإذا أراد السفر استحب أن يودع المسجد بركعتين، ويأتي القبر الشريف، ويعيد السلام الأول، ويقول: اللهم لا تجعله آخر العهد من حرم رسول الله (ص)، ويسر لي العودة إلى الحرمين سبيلا سهلا، وارزقني العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وردنا إلى أهلنا سالمين غانمين، وينصرف تلقاء وجهه، ولا يمشي القهقرى. ولا يجوز لاحد أن يستصحب شيئا من الأكر المعمولة من تراب الحرمين، ولا من الأباريق والكيزان المعمولة من ذلك. ومن البدع تقرب العوام بأكل التمر الصيحاني في الروضة.
فصل: في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك. (أركان الحج خمسة) بل ستة:
أحدها: (الاحرام) أي نية الدخول فيه، لخبر: إنما الأعمال بالنيات. (و) ثانيها: (الوقوف) بعرفة، لخبر: الحج عرفة. (و) ثالثها: (الطواف) بالكعبة، لقوله تعالى: * (وليطوفوا بالبيت العتيق) *. والمراد طواف الإفاضة (و) رابعها: السعي بين الصفا والمروة، لما روى الدارقطني وغيره بإسناد حسن: أنه (ص) استقبل القبلة في السعي وقال: يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم. (و) خامسها: (الحلق) أو التقصير (إذا جعلنا نسكا) وقد سبق أنه القول المشهور لتوقف التحلل عليه مع عدم جبر تركه بدم كالطواف. (و) سادسها: (الترتيب) في معظم هذه الأركان كما بحثه في الروضة، وإن عده في المجموع شرطا بأن يقدم الاحرام على الجميع ويؤخر السعي عن طواف ركن أو قدوم ويقدم الوقوف على طواف الركن والحلق أو التقصير، للاتباع مع خبر: خذوا عني مناسككم. (ولا تجبر) هذه الأركان ولا شئ منها، (بدم) بل يتوقف الحج عليها، لأن الماهية لا تحصل إلا بجميع أركانها. أما واجباته فخمسة أيضا: الاحرام من الميقات والرمي في يوم النحر وأيام التشريق والمبيت بمزدلفة والمبيت ليالي منى واجتناب محرمات الاحرام. وأما طواف الوداع فقد تقدم أنه ليس من المناسك فلا يعد من الواجبات ولا يعد من الأركان، والواجب ما أجبر بدم ويسمى بعضا والركن ما فسد بتركه الحج وغيرهما يسمى هيئة. (وما سوى الوقوف) من هذه الستة (أركان في العمرة أيضا) لشمول الأدلة السابقة لها، ولكن الترتيب يعتبر في جميع أركانها فيجب تأخير الحلق أو التقصير عن سعيها. وواجب العمرة شيئان: الاحرام من الميقات، واجتناب محرمات الاحرام.
(ويؤدى النسكان على) ثلاثة (أوجه) فقط، ولهذا عبر بجمع القلة. ووجه الحصر في الثلاثة أن الاحرام إن كان بالحج أو لا فالافراد، أو بالعمرة فالتمتع، أو بهما معا فهو القران، على تفصيل وشروط لبعضها ستأتي. وعرف بهذا أنه لو أتى بنسك على حدته ليس شيئا من هذه الأوجه كما يشير إليه قوله النسكان بالتثنية. أما أداء النسك من حيث هو فعلى خمسة أوجه: الثلاثة المذكورة، وأن يحرم بحج فقط أو عمرة فقط. وقد سبق عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله (ص) عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، ومنا من أهل بحج وعمرة رواه الشيخان. (أحدها: الافراد) والأفضل يحصل (بأن يحج) أي يحرم بالحج من ميقاته ويفرغ منه، (ثم يحرم بالعمرة