وشجر (ظنوه عدوا) لهم أو كثيرا، بأن ظنوا أنه أكثر من ضعفنا، (فبان) الحال (غيره) بخلافه، أو بان كما ظنوا ولكن بان دونه حائل كخندق، أو شكوا في شئ من ذلك وقد صلوها، (قضوا في الأظهر) لتفريطهم بخطئهم أو شكهم كما لو أخطأوا أو شكوا في الطهارة. والثاني: لا يجب القضاء، لوجود الخوف عند الصلاة. وعلى الأول يقضون بما مر لو صلوا صلاة عسفان أو ذات الرقاع على رواية ابن عمر، وكذا الفرقة الثانية فيها على رواية غيره، بخلاف صلاتي بطن نخل وذات الرقاع على رواية غير ابن عمر كما في الامن، ولو بان بعد صلاتهم صلاة شدة الخوف ما رأوه عدوا كما ظنوا، ولا حائل ولا حصن، ولكن نيتهم الصلح ونحوه كالتجارة فلا قضاء، إذ لا تفريط منهم، لأن النية لا اطلاع لهم عليها، بخلاف الخطأ فيما مر فإنهم مفرطون في تأمله. ولو ظن العدو يقصده فبان خلافه فلا قضاء قطعا كما في المهذب. ولو صلى متمكنا على الأرض فحدث خوف ملجئ لركوبه ركب وبنى، فإن لم يلجئه بل ركب احتياطا أعاد وجوبا، فإن أمن المصلي وهو راكب نزل حالا وجوبا وبنى إن لم يستدبر في نزوله القبلة وإلا فيلزمه لاستئناف. وكره انحرافه عن القبلة في نزوله يمنة أو يسرة ولا تبطل به صلاته، فإن أخر النزول بعد الامن بطلت صلاته لتركه الواجب.
فصل: فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز. (يحرم على الرجل) في حال الاختيار، وكذا الخنثى المشكل خلافا للقفال، (استعمال الحرير) وهو ما يحل عن الدودة بعد موتها. والقز: وهو ما قطعته الدودة وخرجت منه حية وهو كمد اللون. (بفرش وغيره) من وجوه الاستعمال إلا ما يأتي استثناؤه كلبسه والتدثر به واتخاذه سترا. أما لبسه للرجل فمجمع على تحريمه وللخنثى احتياطا. وأما ما سواه فلقول حذيفة: نهانا رسول الله (ص) عن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه رواه البخاري، ولخبر أبي داود بإسناد صحيح: أنه (ص) أخذ في يمينه قطعة حرير وفي شماله قطعة ذهب، وقال: هذان - أي استعمالهما - حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم وعلل الامام والغزالي الحرمة على الرجل بأن في الحرير خنوثة لا تليق بشهامة الرجل. وقيل: يجوز الجلوس عليه، ويرده الحديث المتقدم. (ويحل للمرأة لبسه) وقد انعقد الاجماع بعد عبد الله بن الزبير عليه. (والأصح تحريم افتراشها) للسرف والخيلاء، بخلاف اللبس فإنه يزينها ويدعو إلى الميل إليها ووطئها فيؤدي إلى ما طلبه الشارع، وهو كثر التناسل. والثاني: يحل كلبسه كما مر في خبر: حل لإناثهم وسيأتي تصحيحه. (و) الأصح (أن للولي إلباسه) أي الحرير (الصبي) ولو مميزا، إذ ليس شهامة تنافي خنوثة الحرير ولعدم تكليفه، وللولي تزيينه بالحلي من ذهب أو فضة ولو في غير يوم عيد، لما مر. والثاني: ليس للولي إلباسه الحرير في غير يومي العيد بل يمنعه منه كغيره من المحرمات. والثالث: له إلباسه قبل سبع سنين دون ما بعدها لئلا يعتاده. وتعبيرهم بالصبي يخرج المجنون، وتعليلهم يدخله، وهو الأوجه. وقد ألحقه بالصبي الغزالي في الاحياء.
(قلت: الأصح حل افتراشها) إياه (وبه قطع العراقيون وغيرهم، والله أعلم) لما مر، وما ذكروه من إباحة اللبس للتزين للزوج، أي وللسيد، ممنوع، إذ لو كان كذلك لاختص بالمزوجة ونحوها دون الخلية، وقد أجمعوا أنه لا يختص. واعترض القطع بالحل بأن الشيخ نصر المقدسي وغيره قطع بالتحريم، وعبارة الروضة، وبه قطع العراقيون والمتولي. وأفتى المصنف تبعا لجمع بتحريم كتابة الرجل صداق المرأة في الحرير، إذ لا يجوز له استعماله، قال:
ولا يغتر بكثرة من يراه ولا ينكره. واعترضه الأسنوي وقال: المتجه خلافه لأنه عمل للمرأة كالتطريز ونحوه. وبه أفتى البارزي تبعا لشيخه الفخر بن عساكر. قال بعضهم: وعليه قضاة الأمصار في الاعصار. وأجيب بأن الخياطة لا استعمال فيها بخلاف الكتابة. ويؤخذ من ذلك تحريم كتابة الرجل فيه للمراسلات ونحوها. وسئل قاضي القضاة ابن رزين عمن يفصل الكلونات والأقباع الحرير ويشتري القماش الحرير مفصلا ويبيعه للرجال، فقال: يأثم بتفصيله لهم وبخياطته وبيعه