فرعان: أحدهما: يجب صرف زكاة الفطر إلى الأصناف الذين ذكرهم الله تعالى، وسيأتي بيان ذلك في كتاب الصدقات إن شاء الله تعالى. وقيل: يكفي الدفع إلى ثلاثة من الفقراء أو المساكين لأنها قليلة في الغالب، وبهذا قال الإصطخري. وقيل: يجوز صرفها لواحد، وهو مذهب الأئمة الثلاثة وابن المنذر. ثانيهما: لو دفع فطرته إلى فقير ممن تلزمه الفطرة فدفعها الفقير إليه عن فطرته جاز للدافع الأول أخذها، فإن قيل: وجوب الفطرة ينافي أخذ الصدقة، أجيب بأن أخذها لا يقتضي غاية الفقر والمسكنة، وقد تجب زكاة المال على من تحل له الصدقة فإنها تحل من غير الفقر والمسكنة.
خاتمة: لو اشترى عبدا فغربت الشمس ليلة الفطر وهما في خير مجلس أو شرط ففطرته على من له الملك بأن يكون الخيار لأحدهما وإن لم يتم له الملك، فإن كان الخيار لهما ففطرته على من يؤول له الملك. ومن مات قبل الغروب عن رقيق ففطرة رقيقه على ورثته كل بقسطه لأنه ملكهم وقت الوجوب. وإن مات بعد الغروب عن أرقاء فالفطرة عنه وعنهم في التركة مقدمة على الوصية والميراث والدين. وإن مات بعد وجوب فطرة عبد أوصى به لغيره قبل وجوبها وجبت في تركته لبقائه وقت الوجوب على ملكه، وإن مات قبل وجوبها وقبل الموصى له الوصية ولو بعد وجوبها فالفطرة على الموصى له لأنه بالقبول يتبين أنه ملكه من حين موت الموصي. وإن رد الوصية فعلى الوارث فطرته لبقائه وقت الوجوب على ملكه، فلو مات الموصى له قبل القبول وبعد وجوب الفطرة فوارثه قائم مقامه في الرد والقبول، فإن قبل وقع الملك للميت وفطرة الرقيق في التركة إن كان للميت تركة، وإلا بيع منه جزء فيها. وإن مات قبل وجوبها أو معه فالفطرة على ورثته عن الرقيق إن قبلوا الوصية لأنه وقت الوجوب كان في ملكهم. وهل تجب الفطرة على الصوفية المقيمين في الرباط؟
قال الفارقي: إن كان الوقف على معين وجبت لأنهم ملكوا الغلة، وكذا إذا وقف على المقيمين بالرباط إذا حدثت غلة ملكوها ولا يشاركهم من حدث بعد ذلك، وإن كان وقفه على الصوفية مطلقا فمن دخل الرباط قبل الغروب على عزم المقام لزمه الفطرة في المعلوم الحاصل للرباط، وإن شرط لكل واحد قوته كل يوم فلا زكاة عليهم. قال: وهكذا حكم المتفقهة في المدارس، فإن جرايتهم مقدرة بالشهر، فإذا أهل شوال وللوقف غلة لزمهم الفطرة وإن لم يكونوا قبضوا لأنه ثبت ملكهم على قدر المشاهرة من جملة الغلة.
باب من تلزمه الزكاة:
أي زكاة المال (وما تجب فيه) مما اتصف بوصف قد يؤثر في السقوط وقد لا يؤثر كالغصب والجحود والاضلال، أو معاوضة بما قد يسقط كالدين وعدم استقرار الملك. وليس المراد بيان أنواع المال التي تجب فيها الزكاة، فإن ذلك قد تقدم في الأبواب السابقة. وقد شرع في بيان شروط من تلزمه الزكاة فقال: (شرط وجوب زكاة المال) بأنواعه السابقة، وهي الحيوان والنبات والنقدان والمعدن والركاز والتجارة على مالكه. (الاسلام) لقول أبي بكر رضي الله تعالى عنه: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله (ص) على المسلمين، رواه البخاري، فلا تجب على الكافر الأصلي بالمعنى السابق في الصلاة. واحترز بزكاة المال عن زكاة الفطر فإنها قد تلزم الكافر إذا كان يخرج عن غيره كما مر. (والحرية) فلا تجب على رقيق ولو مدبرا ومعلقا عتقه بصفة وأم ولد لعدم ملكه. وعلى القديم يملك بتمليك سيده ملكا ضعيفا، ومع ذلك لا زكاة عليه ولا على سيده على الأصح. وإن قلنا: يملك بتمليك غير سيده، فلا زكاة أيضا عليه لضعف ملكه كما مر ولا على سيده لأنه ليس له. (وتلزم المرتد) زكاة المال الذي حال حوله في ردته (إن أبقينا ملكه) مؤاخذة له بحكم الاسلام، ومفهومه عدم اللزوم إن أزلناه وهو كذلك، وإن قلنا بالوقف، وهو الأظهر فموقوفة، فمفهومه فيه تفصيل، فلا يرد عليه قولنا بالوقف. أما إذا وجبت الزكاة عليه في الاسلام ثم ارتد فإنها تؤخذ من ماله على المشهور سواء أسلم أو قتل كما نقل في المجموع اتفاق الأصحاب عليه، ويجزئه الاخراج في حال الردة في هذه، وفي الأولى على قول