وأولى منه المخرج ليشمل الولي والوكيل، (في عددها إن كان ثقة) لأنه أمين، وله مع ذلك أن يعدها. (وإلا) أي وإن لم يكن ثقة أو قال لا أعرف عددها، (فتعد) والأسهل عدها (عند مضيق) تمر به، لأنه أبعد عن الغلظ، فتمر واحدة واحدة وبيد كل من المالك والساعي أو نائبهما قضيب يشيران به إلى كل واحدة واحدة أو يصيبان به ظهرها، فإن اختلفا بعد العدد وكان لواجب، يختلف به أعادا العد.
فائدة: إذا كانت الماشية مستوحشة وكان في أخذها وإمساكها مشقة كان على رب المال أن يأخذ السن الواجب عليه ويسلمه إلى الساعي، فإن كان لا يمكن إمساكها إلا بعقال كان على المالك ذلك، وعلى هذا حملوا قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه: والله لو منعوني عقالا، لأن العقال هنا من تمام التسليم.
خاتمة: سن للساعي إذا أخذ الزكاة أن يدعو للمالك ترغيبا له في الخير وتطييبا لقلبه، فيقول: آجرك الله فيما أعطيت، وجعله لك طهورا، وبارك لك فيما أبقيت، ولا يتعين دعاء، وفي وجه أن الدعاء واجب، وقيل: إن سأله المالك وجب.
ويكره أن يصلي عليه في الأصح، وقيل: يستحب، وقيل: خلاف الأولى، وقيل: يحرم. قال الشيخ أبو محمد: والسلام في معنى الصلاة، فلا يفرد به غير الأنبياء، وهو سنة في المخاطبة للاحياء والأموات. قال المصنف رحمه الله تعالى: ويسن لكل من أعطى زكاة أو صدقة أو نذرا أو كفارة أو نحوها، أي من إلقاء درس أو تصنيف أو أتى بورد، أن يقول: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
باب زكاة النبات:
النبات يكون مصدرا، تقول: نبت الشئ نباتا، واسما بمعنى النابت، وهو المراد هنا. وينقسم إلى شجر وهو ما له ساق، ونجم وهو ما لا ساق له كالزرع، قال تعالى: * (والنجم والشجر يسجدان) *. والزكاة تجب في النوعين، ولذلك عبر بالنبات لشموله لهما، لكن قال المصنف في نكت التنبيه: إن استعمال النبات في الثمار غير مألوف. والأصل في الباب قبل الاجماع ما يأتي قوله تعالى: * (وآتوا حقه يوم حصاده) *، وقوله تعالى: * (أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) * وهو الزكاة، لأنه لا حق فيما أخرجته الأرض غيرها. (تختص بالقوت) لأن الاقتيات من الضروريات التي لا حياة بدونه، فلذلك أوجب الشارع منه شيئا لأرباب الضرورات، بخلاف ما يؤكل تنعما أو تأدما كالتين والسفرجل والرمان.
والقوت أشرف النبات، وهو ما يقوم به بدن الانسان من الطعام، قيل سمي بذلك لبقاء ثقله في المعدة، ومن أسمائه تعالى المقيت، وهو الذي يعطي أقوات الخلائق، ودعا (ص) أن يجعل الله رزق آله قوتا، أي بقدر ما يمسك الرمق من الطعام، وقال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت، أي من يلزمه قوته من أهله أو عياله. وقال:
قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه سئل الأوزاعي عنه فقال: صغر الأرغفة. (وهو من الثمار الرطب والعنب) بالاجماع، (ومن الحب الحنطة والشعير) بفتح الشين، ويقال بكسرها. (والأرز) بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي في أشهر اللغات، (والعدس) بفتح الدال، ومثله البسلاء. (وسائر المقتات اختيارا) كالحمص بكسر الحاء مع كسر الميم وفتحها، والباقلاء، وهي بالتشديد مع القصر وتكتب بالياء، وبالتخفيف مع المد وتكتب بالألف وقد تقصر:
الفول والذرة، وهي بمعجمة مضمومة ثم راء مخففة، والهاء عوض من واو أو ياء. والهرطمان، وهو بضم الهاء والطاء الجلبان بضم الجيم، والماش: وهو بالمعجمة نوع منه. فتجب الزكاة في جميع ذلك لورودها في بعضه في الاخبار الآتية