مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٩٩
لخبر أبي داود مرسلا: يوم عرفة الذي يعرف الناس فيه ولأنهم لو كلفوا بالقضاء لم يأمنوا وقوع مثله فيه، ولان فيه مشقة عامة. (إلا أن يقلوا على خلاف العادة فيقضون في الأصح) لعدم المشقة العامة، والثاني: لا قضاء لأنهم لا يأمنون مثله في القضاء. وليس من الغلط المراد لهم ما إذا وقع ذلك بسبب الحساب كما ذكره الرافعي. قال الدارمي: وإذا وقفوا العاشر غلطا حسب أيام التشريق على الحقيقة لا على حساب وقوفهم فلا يقيمون بمنى إلا ثلاثة أيام خاصة.
تنبيه: لا فرق في ذلك بين أن يتبين لهم الحال بعد العاشر أو فيه في أثناء الوقوف، فأما إذا تبين لهم فيه قبل الزوال فوقفوا عالمين، فقال البغوي: المذهب لا يحسب، وأنكره الرافعي. وقال عامة الأصحاب على خلافه، وصحح في المجموع ما قاله الرافعي. قال الأسنوي: فينبغي أن يجعل قوله غلطا مفعولا لأجله ليشمل المسائل الثلاث، وأما إذا جعل مصدرا في موضع الحال بمعنى غالطين فلا تدخل فيه المسألة الثالثة، لأن وقوفهم فيها لم يقارنه غلط. ومقتضى كلام المصنف أنهم لو وقفوا ليلة الحادي عشر لا يجزئ، وهو كذلك كما صححه القاضي حسين، وإن بحث السبكي الاجزاء كالعاشر لأنه من تتمته. ومن رأى الهلال وحده أو مع غيره وردت شهادته لا معهم ووقف قبلهم أجزأه، إذ العبرة في دخول وقت عرفة وخروجه باعتقاده، وهذا كمن شهد برؤية هلال رمضان فردت شهادته يلزمه الصوم. (وإن وقفوا في) اليوم (الثامن) غلطا، بأن شهد شاهدان برؤية هلال ذي الحجة ليلة الثلاثين من ذي القعدة ثم بانا كافرين أو فاسقين، (وعلموا قبل) فوت (الوقوف وجب الوقوف في الوقت) تداركا له، (وإن علموا بعده) أي بعد فوات وقت الوقوف (وجب القضاء) لهذه الحجة في عام آخر (في الأصح) لندرة الغلط في التقدم، ولان تأخير العبادة عن وقتها أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه، ولان الغلط بالتقديم يمكن الاحتراز عنه فإنه إنما يقع للغلط في الحساب وللخلل في الشهود الذين شهدوا بتقديم الهلال.
والغلط بالتأخير قد يكون بالغيم المانع من الرؤية ومثل ذلك لا يمكن الاحتراز عنه. والثاني: لا يجب عليهم القضاء قياسا على ما إذا غلطوا بالتأخير. قال في البيان: وعليه الأكثرون، وفرق الأول بما مر. ولو غلطوا بيومين فأكثر أو في المكان لم يصح جزما لندرة ذلك.
فصل: في المبيت بالمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها. (ويبيتون بمزدلفة) بعد دفعهم من عرفة للاتباع، رواه مسلم، وهو واجب وليس بركن على الأصح فيهما، خلافا للرافعي في قوله: إنه مندوب، وللسبكي في اختياره أنه ركن.
ويكفي في المبيت بها الحصول بها لحظة كالوقوف بعرفة، فيكفي المرور بها وإن لم يمكث، ووقته بعد نصف الليل كما نص عليه في الام. وإنما اشترط معظم الليل في مبيت منى لورود التعبير بالمبيت ثم بخلافه هنا، وصحح الرافعي بناء على الوجوب اشتراط المعظم هنا، ثم استشكله من جهة أنهم لا يصلونها حتى يمضي نحو ربع الليل مع جواز الدفع منها بعد النصف.
ويستحب الاكثار في هذه الليلة من التلاوة والذكر والصلاة. (ومن دفع منها) أي من مزدلفة (بعد نصف الليل) ولم يعد، (أو قبله) ولو لغير عذر (وعاد) إليها (قبل الفجر، فلا شئ عليه) أي لا دم عليه. أما في الحالة الأولى فلها في الصحيحين عن عائشة: أن سودة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهن أفاضتا في النصف الأخير بإذنه (ص) ولم يأمرهما ولا من كان معهما بدم. وأما في الثانية فكما لو دفع من عرفة قبل الغروب ثم عاد إليها قبل الفجر. (ومن لم يكن بها في النصف الثاني) سواء أكان بها في النصف الأول أم لا، (أراق دما، وفي وجوبه) أي الدم بترك المبيت، (القولان) السابقان في الفصل الذي قبله في وجوبه على من لم يجمع بين الليل والنهار بعرفة. وقضية هذا البناء عدم وجوب الدم فيكون مستحبا كما لو ترك المبيت بمنى ليلة عرفة. لكن رجح المصنف فيما عدا المنهاج من كتبه الوجوب. وقال السبكي: إنه
(٤٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532