الصفا. (و) يسن (أن يمشي) على هينته، (أول السعي وآخره، و) أن (يعدو) الذكر، أي يسعى سعيا شديدا فوق الرمل كما قاله في المجموع، (في الوسط) الذي بينهما للاتباع، رواه مسلم. (وموضع النوعين) أي المشي والعدو (معروف) هناك، فيمشي حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ستة أذرع فيعدو، فإن عجز تشبه حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين اللذين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بجدار دار العباس المشهورة الآن برباطه رضي الله تعالى عنه، فيمشي على هينته حتى يصل إلى المروة، فإذا عاد منها إلى الصفا مشى في محل مشيه وسعى في محل سعيه أولا. أما الأنثى فتمشي في الكل، وقيل: إن خلت بالليل سعت كالذكر، والخنثى في ذلك كالأنثى كما نقله في المجموع في باب الاحداث عن أبي الفتوح وأقره. ويسن أن يقول الذكر في عدوه وكذا المرأة والخنثى في محله كما بحثه بعض المتأخرين: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم.
تنبيه: سكوت المصنف هنا عن الستر والطهارة مع اشتراطه لهما في الطواف مشعر بعدم وجوبهما، وهو كذلك ، فيسنان. ويسن أيضا الموالاة في مرات السعي، وكذا بين الطواف والسعي، وأن يكون ماشيا إلا لعذر فإن ركب بلا عذر لم يكره اتفاقا كما في المجموع، وما في جامع الترمذي من أن الشافعي كره السعي راكبا إلا لعذر محمول على خلاف الأولى. قال في المجموع: ويكره للساعي أن يقف في سعيه لحديث أو غيره، ولو شك في عدد مراته قبل الفراغ أخذ بالأقل كما مر في الطواف. ويسن أن يأخذ بقول ثقة أخبره وإن اعتقد خلافه كما مر في الطواف أيضا، ثم بعد السعي إن كان معتمرا حلق أو قصر وصار حلالا، وإلا فإن كان مفردا أو قارنا بقي على إحرامه.
فصل: في الوقوف بعرفة وما يذكر معه. (يستحب للامام) الأعظم إن خرج مع الحجيج، (أو منصوبه) المؤمر عليهم إن لم يخرج الامام، (أن يخطب بمكة في سابع ذي الحجة) بكسر الحاء أفصح من فتحها، المسمى بيوم الزينة، لتزيينهم فيه هوادجهم. وإنما يخطب (بعد صلاة الظهر) أو الجمعة إن كان يومها، (خطبة فردة) ولا يكفي عنها خطبة الجمعة، لأن السنة فيها التأخير عن الصلاة، ولان القصد بها التعليم لا الوعظ والتخويف فلم تشارك خطبة الجمعة، بخلاف خطبة الكسوف. (يأمرهم فيها بالغدو) اليوم الثامن المسمى يوم التروية لأنهم يتروون فيه الماء. (إلى منى) بكسر الميم، تصرف ولا تصرف، وتذكر وهو الأغلب وقد تؤنث، وتخفيف نونها أشهر من تشديدها. سميت بذلك لكثرة ما يمنى، أي يراق فيها من الدماء. ويفتتح الخطبة بالتلبية إن كان محرما وإلا فبالتكبير كما نقله في المجموع عن الماوردي وأقره. (ويعلمهم) فيها (ما أمامهم من المناسك) قال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كان رسول الله (ص) إذا كان قبل يوم التروية بيوم خطب الناس وأخبرهم بمناسكهم رواه البيهقي بإسناد جيد كما في المجموع. فإن كان الخطيب فقيها قال: هل من سائل؟ وتقدم في صلاة العيدين أن خطب الحج أربع: هذه، وخطبة يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم النفر الأول، وكلها فرادى وبعد صلاة الظهر إلا يوم عرفة فثنتان، وقبل صلاة الظهر. وقضية كلام المصنف أنه يخبرهم في كل خطبة بما بين أيديهم من المناسك، وهو ما اقتضاه الخبر السابق، ونص عليه الشافعي في الاملاء.
ومقتضى كلام أصل الروضة أنه يخبرهم في كل خطبة بما بين أيديهم من المناسك إلى الخطبة الأخرى. ولا منافاة، إذ الاطلاق بيان للأكمل والتقييد بيان للأقل. ويأمر فيها أيضا المتمتعين، قال في المجموع: والمكيين بطواف الوداع قبل خروجهم وبعد إحرامهم، كما اقتضاه نقل المجموع له عن البويطي والأصحاب، بخلاف المفرد والقارن الآفاقيين لا يؤمران بطواف وداع لأنهما لم يتحللا من مناسكهما، وليس مكة محل إقامتهما. (ويخرج) ندبا (بهم من الغد) بعد صلاة الصبح إن لم يكن يوم جمعة، (إلى منى) فيصلون بها الظهر وباقي الخمس للاتباع، رواه مسلم. فإن كان يوم جمعة خرج بهم قبل