الأصل عدم الوقف. والمتجه الأول كما قاله بعض المتأخرين، وهو مقتضى كلام الشيخين. وخرج بالرحبة الحريم، وهو الموضع المتصل به المهيأ لمصلحته كانصباب الماء وطرح القمامات فيه فليس له حكمه. قال الزركشي: ويلزم الواقف تمييز الرحبة من الحريم لتعطي حكم المسجد، والمساجد المتلاصقة التي ينفذ أبواب بعضها إلى بعض كالمسجد الواحد في صحة الاقتداء وإن بعدت المسافة واختلفت الأبنية وانفرد كل مسجد بإمام ومؤذن وجماعة، نعم إن حال بينهما نهر قديم بأن حفر قبل حدوثها فلا تكون كمسجد واحد، بل تكون كمسجد وغيره، وسيأتي حكمه. أما النهر الطارئ الذي حفر بعد حدوثها فلا يخرجها عن كونها كمسجد واحد، وكالنهر في ذلك الطريق، ويأتي هذا التفصيل في المسجد الواحد إذا كان فيه نهر أو طريق. (ولو كانا) أي الإمام والمأموم (بفضاء) أي مكان واسع كصحراء، (شرط أن لا يزيد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع) بذراع الآدمي، وهو شبران لقرب ذلك وبعدما وراءه في العادة، (تقريبا) لعدم ورود ضابط من الشارع، (وقيل تحديدا) ونسب إلى أبي إسحاق المروزي، وقال الماوردي: إنه غلط. فعلى الأول لا تضر زيادة ثلاثة أذرع كما في التهذيب وغيره، لأن هذا التقدير مأخوذ من عرف الناس وهم يعدونهما في ذلك مجتمعين، وقيل: ما بين الصفين في صلاة الخوف، إذ سهام العرب لا تجاوز ذلك غالبا. وعلى الثاني يضر، أي زيادة كانت. (فإن تلاحق) أي وقف (شخصان أو صفان) خلف الإمام أو عن يمينه أو يساره أو أحدهما وراء الآخر أو عن يمينه أو يساره، (اعتبرت المسافة) المذكورة (بين الأخير والأول) من الشخصين أو الصفين، لأن الأول في هذه الحالة كإمام الأخير، حتى لو كثرت الاشخاص أو الصفوف وبلغ ما بين الإمام والأخير فراسخ لم يضر. (وسواء) فيما ذكر (الفضاء المملوك والوقف والمبعض) أي الذي بعضه ملك وبعضه وقف والموات الخالص، والمبعض: أي الذي بعضه موات وبعضه ملك، وقد ذكره في المحرر، قال الأسنوي: ولكن نسيه المصنف. وينتظم من ذلك ست مسائل ثلاثة في الخالص وثلاثة في المبعض بأن يأخذ كل واحد مشتركا مع ما بعده، ولا فرق في ذلك بين المحوط والمسقف وغيره. (ولا يضر) بين الشخصين أو الصفين، (الشارع المطروق والنهر المحوج إلى سباحة) وهي بكسر السين العوم، ( على الصحيح) فيهما، لأن ذلك لا يعد حائلا في العرف، كما لو كانا في سفينتين مكشوفتين في البحر، والثاني: يضر ذلك، أما الشارع فقد تكثر فيه الزحمة فيعسر الاطلاع على أحوال الإمام، وأما النهر فقياسا على حيلولة الجدار.
وأجاب الأول بمنع العسر والحيلولة المذكورين. ولا يضر جزما الشارع غير المطروق والنهر الذي يمكن العبور من أحد طرفيه إلى الآخر من غير سباحة بالوثوب فوقه أو المشي فيه أو على جسر ممدود على حافتيه. (فإن كان) أي الإمام والمأموم (في بناءين كصحن وصفة أو بيت) من مكان واحد كالمدرسة المشتملة على هذه الأمور، أو مكانين كما دل عليه كلام الرافعي لكن مع مراعاة بقية الشروط من محاذاة الأسفل للأعلى بجزء منهما. (فطريقان: أصحهما إن كان بناء المأموم يمينا أو شمالا) لبناء الإمام، (وجب اتصال صف من أحد البناءين بالآخر) كأن يقف واحد بطرف الصفة وآخر بالصحن متصلا به لأن اختلاف الأبنية يوجب الافتراق، فاشترط الاتصال ليحصل الربط بالاجتماع.
(تنبيه) المراد ببناء المأموم موقفه أي موقف المأموم عن يمين الإمام أو يساره. وفهم من قول المصنف اتصال صف أنه لو وقف شخص واحد في البناءين وكان أحد شقيه في بناء الإمام والشق الآخر في بناء المأموم أنه لا يكفي في حصول الاتصال، وهو كذلك كما صرح به صاحب الكافي، لأن الواحد ليس بصف، وإن كان الشرط اتصال المناكب بين بناء المأموم وبناء الإمام فقط، فأما من على يمين هذا في بنائه وعلى يسار الآخر في بنائه فكالفضاء حتى لا يشترط اتصال