أو قصروا ثم ارجعوا، فإذا كان عام قابل فحجوا واهدوا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع. واشتهر ذلك بين الصحابة ولم ينكره أحد فكان إجماعا. وأفهم كلام المصنف أنه لا يجب عليه المبيت بمنى ولا الرمي، وهو الأصح كما يؤخذ مما مر، ولان عمر لم يأمر بهما. ولا فرق فيمن ذكر بين من فاته ذلك بعذر أو بغيره، وإنما يفترقان في الاثم فقط.
فإن قيل: لم لم يقل يجب القضاء على الفور على غير المعذور دون المعذور كما قيل بمثله في الصلاة والصوم؟ أجيب بأن الفوات لا يخلو عن تقصير، وإنما يجب القضاء في فوات لم ينشأ عن حصر، فإن نشأ عنه بأن أحصر فسلك طريقا آخر ففاته الحج وتحلل بعمل عمرة فلا إعادة عليه كما في الروضة كأصلها لأنه بذل ما في وسعه. فإن قيل: كيف توصف حجة الاسلام بالقضاء ولا وقت لها؟ أجيب بأنه لما أحرم بها تضيق وقتها كما تقدم ذلك في الافساد وتقدم ما فيه. وفرق بعضهم بين الافساد وما نحن فيه بأن المفسد متعد فلهذا جعلنا الفرض قضاء بخلاف الفوات، ورده الأسنوي بأنا لا نسلم أن الفوات لا تعدي فيه، إذ قد يترك الوقوف عمدا حتى يفوت وقته.
خاتمة: يسن أن يحمل المسافر إلى أهله هدية، لما روى البيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله (ص): إذا قدم أحدكم على أهله من سفر فليهد لأهله هدية وليطرقهم ولو كان حجارة. ويسن إذا قرب إلى وطنه أن يرسل من يعلمهم بقدومه إلا أن يكون في قافلة اشتهر عند أهل البلد وقت دخولها. ويكره أن يطرقهم ليلا، والسنة أن يتلقى المسافر وأن يقال له إن كان حاجا: قبل الله حجك وغفر ذنبك وأخلف نفقتك، وإن كان غازيا: الحمد لله الذي نصرك وأكرمك وأعزك. والسنة أن يبدأ عند دخوله بأقرب مسجد فيصلي فيه ركعتين بنية صلاة القدوم. وتسن النقيعة، وهي طعام يعمل لقدوم المسافر، وسيأتي بيانها في الوليمة إن شاء الله تعالى، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال المؤلف: قد تم شرح الربع الأول يوم السبت المبارك ثالث عشري جمادى الأولى سنة ستين وتسعمائة على يد مؤلفه محمد الخطيب الشربيني نفع الله تعالى به مؤلفه ومن قرأه أو نقل منه أو طالع فيه، ودعا لمن كان سببا في تأليفه بالموت على الاسلام وسائر المسلمين، وأن يجعله خالصا لوجهه، وأن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يعيننا على إتمام بقية شرح الكتاب كما أعاننا على ابتدائه إنه قريب مجيب الدعوات لا يخيب من سأله واعتمد عليه. وقد استجاب الله دعاءه.
وقد تم جميع الشرح بحمد الله تعالى. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تم الجزء الأول من مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للعلامة الخطيب الشربيني ويليه الجزء الثاني، وأوله: كتاب البيع