السوم في بقية الحول الأول غير معتبر، والثاني: يبطل حول التجارة، وتجب زكاة العين لتمام حولها من الشراء ولكل حول بعده، وعلى القديم المذكور: تجب زكاة التجارة لكل حول. (وإذا قلنا: عامل القراض لا يملك الربح) المشروط له (بالظهور) وهو الأصح، بل بالقسمة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى. (فعلى المالك) عند تمام الحول (زكاة الجميع) رأس المال والربح، لأن الجميع ملكه. (فإن أخرجها من) غير (مال القراض) فذاك، أو من ماله (حسبت من الربح في الأصح) ولا يجعل إخراجها كاسترداد المالك جزءا من المال تنزيلا لها منزلة المؤن التي تلزم المال من أجرة الدلال والكيال وفطرة عبيد التجارة وجناياتهم. والثاني: تحسب من رأس المال لأن الوجوب على من له المال. والثالث: زكاة الأصل من الأصل، وزكاة الربح من الربح لأنها وجبت فيهما. (وإن قلنا يملك) العامل المشروط له (بالظهور لزم المالك زكاة رأس المال وحصته من الربح) لأنه مالك لهما. (والمذهب أنه يلزم العامل زكاة حصته) من الربح لأنه متمكن من التوصل إليه متى شاء بالقسمة، فأشبه الدين الحال على ملئ، وعلى هذا فابتداء حول حصته من حين الظهور ولا يلزمه إخراجها قبل القسمة على المذهب، وله الاستبداد بإخراجها من مال القراض، والثاني: لا يلزمه لأنه غير متمكن من كمال التصرف فيها. وقطع بعضهم بالأول ورجحه في المجموع، وبعضهم بالثاني.
خاتمة: يصح بيع عرض التجارة قبل إخراج زكاته وإن كان بعد وجوبها، أو باعه بعرض قنية، لأن متعلق زكاته القيمة، وهي لا تفوت بالبيع. ولو أعتق عبد التجارة أو وهبه فكبيع الماشية بعد وجوب الزكاة فيها، لأنهما يبطلان متعلق زكاة التجارة كما أن البيع يبطل متعلق زكاة العين. وكذا لو جعله صداقا أو صلحا عن دم أو نحوهما لأن مقابله ليس بمال، فإن باعه محاباة فقد المحاباة كالموهوب فيبطل فيما قيمته قدر الزكاة من ذلك القدر، ويصح في الباقي تفريقا للصفقة.
باب زكاة الفطر:
ويقال صدقة الفطر. سميت بذلك لأن وجوبها بدخول الفطر، ويقال أيضا زكاة الفطرة بكسر الفاء والتاء في آخرها، كأنها من الفطرة التي هي الخلقة المرادة بقوله تعالى: * (فطرة الله التي فطر الناس عليها) *. وقال ابن الرفعة بضم الفاء واستغرب. والمعنى أنها وجبت على الخلقة تزكية للنفس وتنمية لعملها. قال وكيع بن الجراح: زكاة الفطرة لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة تجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة. وقال في المجموع: يقال للمخرج فطرة بكسر الفاء لا غير، وهي لفظة مولدة لا عربية ولا معربة، بل اصطلاحية للفقهاء، فتكون حقيقة شرعية على المختار كالصلاة والزكاة. والأصل في وجوبها قبل الاجماع خبر ابن عمر: فرض رسول الله (ص) زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين وخبر أبي سعيد: كنا نخرج زكاة الفطرة إذا كان فينا رسول الله (ص) صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط، فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت رواهما الشيخان. والمشهور أنها وجبت في السنة الثانية من الهجرة عام فرض صوم رمضان. (تجب) زكاة الفطر (بأول ليلة العيد في الأظهر) لأنها مضافة في الحديث إلى الفطر من رمضان في الخبرين الماضيين.