الخطيب: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) * الآية، وليس المراد كما قال الأذرعي الرفع البليغ كما يفعله بعض العوام، فإنه لا أصل له بل هو بدعة. وظاهر كلام الروضة أن ذلك مباح مستوي الطرفين، بل الاستماع أولى، بل صرح القاضي أبو الطيب بكراهته لأنه يقطع الاستماع. ومن قعد في مكان الامام أو في طريق الناس أمر بالقيام، وكذا من قعد مستقبلا وجوههم والمكان ضيق عليهم، بخلاف الواسع.
باب صلاة الخوف:
أي كيفيتها. والخوف ضد الامن، وحكم صلاته كصلاة الامن، وإنما أفرد بترجمة لأنه يحتمل في الصلاة عنده في الجماعة وغيرها ما لا يحتمل فيها عند غيره على ما سيأتي بيانه. والأصل فيها قوله تعالى: * (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) * الآية، والأخبار الآتية مع خبر: صلوا كما رأيتموني أصلي، واستمرت الصحابة رضي الله تعالى عنهم على فعلها بعده. وأما دعوى المزني نسخها لتركه (ص) لها يوم الخندق فأجابوا عنها بتأخر نزولها عنه لأنها نزلت سنة ست، والخندق كان سنة أربع أو خمس. وتجوز في الحضر كالسفر خلافا لمالك. (هي أنواع) جاءت في الاخبار على ستة عشر نوعا في صحيح مسلم بعضها، ومعظمها في سنن أبي داود، وفي ابن حبان منها تسعة، ففي كل مرة كان (ص) يفعل ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة. واختار منها الشافعي رضي الله تعالى عنه الثلاثة التي ذكرها المصنف وذكر معها الرابع الآتي وجاء به وبالثالث القرآن الكريم. النوع (الأول) منها: الصلاة بالكيفية المذكور في قوله: (يكون العدو في) جهة (القبلة) ولا ساتر بيننا وبينهم وفينا كثرة بحيث تقاوم كل فرقة العدو، (فيرتب الامام القوم صفين) فأكثر (ويصلي بهم) جميعا إلى اعتدال الركعة الأولى، لأن الحراسة الآتية محلها الاعتدال لا الركوع كما يعلم من قوله: (فإذا سجد) الامام في الركعة الأولى (سجد معه صف سجدتيه وحرس) حينئذ (صف) آخر في الاعتدال المذكور، (فإذا قاموا) أي الامام والساجدون معه (سجد من حرس) فيها (ولحقوه وسجد معه) أي الامام (في) الركعة (الثانية من حرس أولا وحرس الآخرون) أي الفرقة الساجدة مع الامام، (فإذا جلس) الامام للتشهد (سجد من حرس) في الركعة الثانية (وتشهد) الامام (بالصفين وسلم) بهم. (وهذه) الكيفية المذكورة (صلاة رسول الله (ص)) أي صفة صلاته (بعسفان) بضم العين وسكون السين المهملتين، قرية بقرب خليص، بينها وبين مكة أربعة برد، سميت به لعسف السيول فيها. وعبارته كغيره في هذا صادقة بأن يسجد الصف الأول في الركعة الأولى والثاني في الثانية، وكل منهما فيها بمكانه أو تحول بمكان الآخر وبعكس ذلك، فهي أربع كيفيات وكلها جائزة إذا لم تكثر أفعالهم في التحول، والذي في خبر مسلم سجود الأول في الأولى والثاني في الثانية مع التحول فيها. وله أن يرتبهم صفوفا كما مر ثم يحرس صفان فأكثر، وإنما اختصت الحراسة بالسجود دون الركوع لأن الراكع تمكنه المشاهدة. (و) لا يشترط أن يحرس جميع من في الصف، بل (لو حرس فيها) أي الركعتين (فرقتا صف) على المناوبة أو دوام غيرهما على المتابعة (جاز) بشرط أن تكون الحارسة مقاومة للعدو، حتى لو كان الحارس واحدا يشترط أو لا يزيد الكفار على اثنين. (وكذا) يجوز لو حرس فيهما (فرقة) واحدة (في الأصح) المنصوص وقطع به جماعة لحصول الغرض بكل ذلك مع قيام العذر، ويكره أن يصلي بأقل من ثلاثة وأن يحرس أقل منها، والثاني: