مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٤٨
منه في الأولى وبقطع القاطع في الثانية، فلو كان الأول في الثانية أيضا قطع بأن الصواب ما ذكره ولم يكن الثاني أعلم لم يؤثر، فإن لم يتبين له الصواب مقارنا بطلت صلاته وإن بان له الصواب عن قرب لما مر.
(باب صفة) أي كيفية (الصلاة) وهي تشتمل على أركان: وهي المذكورة هنا، وعلى شروط: وهي المذكورة في أول الباب الآتي، وأبعاض: وهي السنن المجبورة بسجود السهو، وهيئات: وهي السنن التي لا تجبر. والركن كالشرط في أنه لا بد منه، ويفارقه في أن الشرط هو الذي يتقدم على الصلاة ويجب استمراره فيها كالطهر والستر. والركن: ما تشتمل عليه الصلاة كالركوع والسجود، فخرج بتعريف الشرط التروك كترك الكلام فليست بشروط كما صوبه في المجموع بل مبطلة للصلاة كقطع النية، وقيل:
إنها شروط كما قاله الغزالي ووافقه ابن المقري كأصله في باب شرط الصلاة. ويشهد للأول أن الكلام اليسير ناسيا لا يضر ولو كان تركه من الشروط لضر. فإن قيل: تعريف الشرط بما ذكر يخرج التوجه للقبلة عن كونه شرطا كما قاله ابن الرفعة، لأنه إنما يعتبر في القيام والقعود مع أن المشهور أنه شرط. أجيب بأن التوجه إليها حاصل في غيرهما أيضا عرفا، إذ يقال على المصلي حينئذ إنه توجه إليها لا منحرف عنها مع أن التوجه إليها ببعض مقدم بدنه حاصل حقيقة أيضا، وذلك كاف.
فائدة: قد شبهت الصلاة بالانسان، فالركن كرأسه، والشرط كحياته، والبعض كأعضائه، والهيئات كشعره.
(أركانها ثلاثة عشر) كذا في المحرر بجعل الطمأنينة كالهيئة التابعة. وجعلها في التنبيه ثمانية عشر، فزاد الطمأنينة في الركوع والاعتدال والسجود والجلوس بين السجدتين ونية الخروج في الصلاة. وجعلها في التحقيق والروضة سبعة عشر، لأن الأصح أن نية الخروج لا تجب. وجعلها في الحاوي الرابعة عشر، فزاد الطمأنينة إلا أنه جعلها في الأركان الأربعة ركنا واحدا. والخلاف بينهم لفظي، فمن لم يعد الطمأنينة ركنا جعلها في كل ركن كالجزء منه وكالهيئة التابعة له، ويؤيده كلامهم في التقدم والتأخر بركن أو أكثر، وبه يشعر خبر: إذا قمت إلى الصلاة الآتي. ومن عدها أركانا فذاك لاستقلالها، وصدق اسم السجود ونحوه بدونها، وجعلت أركانا لتغايرها باختلاف محالها. ومن جعلها ركنا واحدا فلكونها جنسا واحدا كما عدوا السجدتين ركنا لذلك. الأول: (النية) لأنها واجبة في بعض الصلاة، وهو أولها لا في جميعها، فكانت ركنا كالتكبير والركوع. وقيل: هي شرط لأنها عبارة عن قصد فعل الصلاة، فتكون خارج الصلاة، ولهذا قال الغزالي: هي بالشرط أشبه. وتظهر فائدة الخلاف فيما لو افتتح النية مع مقارنة مفسد من نجاسة أو غيرها وتمت بلا مانع. إن قلنا إنها ركن لم تصح، أو شرط صحت، وفيها كلام للرافعي ذكرته مع زيادة في شرح التنبيه. والأصل فيها قوله تعالى: * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) *، قال الماوردي: والاخلاص في كلامهم النية، وقوله (ص): إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وأجمعت الأمة على اعتبار النية في الصلاة، وبدأ بها لأن الصلاة لا تنعقد إلا بها. (فإن صلى) أي أراد أن يصلي (فرضا) ولو نذرا أو قضاء أو كفاية، (وجب قصد فعله) بأن يقصد فعل الصلاة لتتميز عن سائر الأفعال، وهي هنا ما عدا النية لأنها لا تنوى للزوم التسلسل في ذلك، ولان ما كان من الأعمال حصول صورته كاف في حصول مصلحته لم يفتقر إلى نية، والنية كذلك لأن المقصود منها شيئان:
تمييز العبادات عن العادات وتمييز رتب العبادات، وذلك حاصل بحصولها من غير توقف على شئ آخر. (و) وجب (تعيينه) من ظهر أو غيره ليمتاز عن سائر الصلوات، قال في العباب: وفي إجزاء نية صلاة يشرع التثويب في أذانها والقنوت فيها أبدا عن نية الصبح تردد اه‍. وينبغي الاكتفاء، وتقدم الكلام على النية في باب الوضوء. ولو عبر بقوله قصد فعلها وتعيينها لكان أولى، واستغنى عما قدرته تبعا للشارح، فالمراد قصد فعل الفرض من حيث كونه صلاة
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532