مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٣٦
وقول الأذرعي: هذا لمن يتأذى به دون من اعتاده، ممنوع لأنه من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم كما مر. ولو طهرت الحائض أو النفساء ليلا ونوت الصوم وصامت أو صام الجنب بلا غسل صح الصوم، لقوله تعالى: * (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) * الآية، ولخبر الصحيحين: كان النبي (ص) يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يغتسل ويصوم، وقيس بالجنب الحائض والنفساء. وأما خبر البخاري: من أصبح جنبا فلا صوم له فحملوه على من أصبح مجامعا واستدام الجماع، وحمله بعضهم على النسخ، واستحسنه ابن المنذر. (و) يستحب (أن يحترز عن الحجامة) والفصد ونحوهما، لأن ذلك يضعفه، فهو خلاف الأولى كما في المجموع وإن جزم في أصل الروضة بكراهته. وقال المحاملي: يكره أن يحجم غيره أيضا. (و) عن (القبلة) هذه المسألة مكررة، وقد تقدم كراهتها بل تحريمها. (و) عن (ذوق الطعام) خوفا من وصوله إلى جوفه أو تعاطيه لغلبة شهوته. (و) عن (العلك) بفتح العين مصدر معناه المضغ، وبكسرها المعلوك لأنه يجمع الريق، فإن ابتلعه أفطر في وجه، وإن ألقاه عطشه، وهو مكروه كما في المجموع. (و) يستحب (أن يقول عند فطره) أي عقبه كما يؤخذ من قوله: (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت) وذلك للاتباع، رواه أبو داود مرسلا. وروى أيضا أنه (ص) كان يقول حينئذ: اللهم ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر إن شاء الله تعالى ويستحب له أن يفطر الصائمين بأن يعشيهم لخبر: من فطر صائما فله أجر صائم ولا ينقص من أجر الصائم شئ، رواه الترمذي وصححه. فإن عجز عن عشائهم فطرهم على شربة أو تمرة أو نحوهما، لما روي أن بعض الصحابة قال: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم؟ فقال: يعطي الله تعالى هذا الثواب من فطر صائما على ثمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن (وأن يكثر الصدقة) في رمضان، لحديث أنس رضي الله تعالى عنه، قيل: يا رسول الله: أي الصدقة أفضل؟ قال: صدقة في رمضان رواه الترمذي وقال: حسن غريب، ولان الحسنات مضاعفة فيه، ولما فيه من تفطير الصائم، فإنه يستعين بذلك على فطره. (و) أن يكثر (تلاوة القرآن) ومدارسته بأن يقرأ على غيره ويقرأ عليه غيره (في رمضان) لما في الصحيحين: أن جبريل عليه الصلاة والسلام كان يلقى النبي (ص) في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه النبي (ص) القرآن. (وأن يعتكف) فيه لأنه أقرب إلى صيانة النفس عن المنهيات وإتيانها بالمأمورات، (لا سيما في العشر الأواخر منه) للاتباع في ذلك، رواه الشيخان، ولرجاء أن يصادف ليلة القدر إذ هي منحصرة فيه عندنا. وروى مسلم: أنه (ص) كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.
تنبيه: لو قال المصنف: وأن يكثر الصدقة وتلاوة القرآن والاعتكاف كان أولى، لأن الاعتكاف مستحب مطلقا، لكنه يتأكد في رمضان فصار كالصدقة وتلاوة القرآن. ولفظة سيما كلمة منبهة على أن ما بعدها أولى بالحكم مما قبلها، والأشهر فيها تشديد الياء، ويجوز في الاسم بعدها الجر والرفع والنصب، والجر أرجح.
فصل: في شروط وجوب صوم رمضان، وما يبيح ترك صومه. (شرط وجوب صوم رمضان) الاسلام ولو فيما مضى، و (العقل والبلوغ) كما في الصلاة، (وإطاقته) أي الصوم والصحة والإقامة أخذا مما سيأتي، فلا يجب على كافر بالمعنى السابق في الصلاة، ولا على صبي ومجنون ومغمى عليه وسكران، ولا على من لا يطيقه حسا أو شرعا لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أو حيض أو نحوه، ولا على مريض ومسافر بقيد يعلم مما يأتي. ووجوبه عليهما وعلى السكران والمغمى عليه والحائض ونحوها عند من عبر بوجوبه عليهم وجوب انعقاد سبب كما تقرر ذلك في الأصول لوجوب القضاء عليهم كما سيأتي، ومن ألحق بهم المرتد في ذلك (فقد سها) فإن وجوبه عليه وجوب تكليف. (ويؤمر به الصبي) المميز، والمراد به الجنس الشامل للذكر والأنثى على رأي ابن حزم، (لسبع إذا أطاق) ويضرب على تركه لعشر كالصلاة، وإن فرق
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532