مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٥
بقاؤه على إحرامه ولا يؤمر بالتحلل، وهو بمثابة من أحرم بالصلاة في وقتها ثم مدها بالقراءة حتى خرج الوقت، فإن كان طاف للوداع وخرج وقع عن طواف الفرض وإن لم يطف للوداع ولا غيره لم يستبح النساء وإن طال الزمان لبقائه محرما. (وإذا قلنا: الحلق نسك) وهو المشهور، (ففعل اثنين من الرمي) أي يوم النحر، (والحلق) أو التقصير (والطواف) المتبوع بالسعي إن لم يكن فعل قبل، (حصل التحلل الأول) من تحللي الحج، (وحل به اللبس) وستر الرأس للرجل والوجه للمرأة، (والحلق) إن لم يفعل وإن لم يجعله نسكا، (والقلم) والطيب، بل يسن التطيب، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: طيبت رسول الله (ص) لاحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت، متفق عليه.
والدهن ملحق بالتطيب، وكذا الباقي بجامع الاشتراك في الاستمتاع. (وكذا) يحل (الصيد وعقد النكاح) والمباشرة فيما دون الفرج كالقبلة والملامسة، (في الأظهر) لأنها من المحرمات التي لا يوجب تعاطيها إفسادا، فأشبهت الحلق، وهذا ما صححه في الشرح الصغير. (قلت: الأظهر لا يحل عقد النكاح) وكذا المباشرة فيما دون الفرج (والله أعلم) لما روى النسائي بإسناد جيد كما قاله المصنف: إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شئ إلا النساء وهذا ما نسبه في الشرح الكبير إلى تصحيح الأكثرين، وقال: إن قولهم أوفق لكلام النص في المختصر، ونقله في الروضة والمجموع عن الأكثرين. (وإذا فعل الثالث) بعد الاثنين (حصل التحلل الثاني وحل به باقي المحرمات) بالاجماع، ويجب عليه الاتيان بما بقي من أعمال الحج وهو الرمي والمبيت مع أنه غير محرم، كما أنه يخرج من الصلاة بالتسليمة الأولى ويطلب منه التسليمة الثانية، لكن المطلوب هنا على سبيل الوجوب، وهناك على سبيل الندب. ويستحب تأخير الوطئ عن باقي أيام الرمي ليزول عنه أثر الاحرام. فإن قيل: يشكل على ذلك خبر: أيام منى أيام أكل وشرب وبعال. أجيب بأن هذه الأيام لا يمتنع فيها ذلك، وهو كذلك، وإنما استحب للحاج ترك الجماع لما ذكر. ومن فاته رمي يوم النحر بأن أخره عن أيام التشريق ولزمه بدله توقف التحلل على البدل ولو صوما لقيامه مقامه. فإن قيل:
ما الفرق بين هذا وبين المحصر إذا عدم الهدي، فإن الأصح عدم توقف التحلل على بدله وهو الصوم؟ أجيب بأن المحصر ليس له إلا تحلل واحد، فلو توقف تحلله على البدل لشق عليه المقام على سائر محرمات الحج إلى الاتيان بالبدل، والذي يفوته الرمي يمكنه الشروع في التحلل الأول، فإذا أتى به حل له ما عدا النكاح ومقدماته وعقده فلا مشقة عليه في الإقامة على الاحرام حتى يأتي بالبدل. هذا في تحلل الحج، أما العمرة فليس لها إلا تحلل واحد، لأن الحج يطول زمنه وتكثر أعماله، فأبيح بعض محرماته في وقت وبعضها في وقت آخر بخلاف العمرة، ونظير ذلك الحيض والجنابة لما طال زمن الحيض جعل لارتفاع محظوراته محلان: انقطاع الدم والاغتسال، والجنابة لما قصر زمنها جعل لارتفاع محظوراتها محل واحد.
فصل: في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق. (إذا عاد إلى منى) بعد الطواف والسعي إن لم يكن سعى بعد قدوم، (بات بها) حتما (ليلتي) يومي، (التشريق) والثالثة أيضا، للاتباع المعلوم من الأخبار الصحيحة مع خبر: خذوا عني مناسككم. والواجب معظم الليل، كما لو حلف لا يبيت بمكان لا يحنث إلا بمعظم الليل. وإنما اكتفى بساعة في نصفه الثاني بمزدلفة كما مر لأن نص الشافعي وقع فيها بخصوصها، إذ بقية المناسك يدخل وقتها بالنصف، وهي كثيرة مشقة، فسومح في التخفيف لأجلها. وسميت هذه أيام التشريق لاشراف نهارها بنور الشمس، وليلها بنور القمر، وقيل: لأن الناس يشرقون اللحم فيها في الشمس، وهذه الأيام هي المعدودات في قوله تعالى في البقرة: * (واذكروا
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532