المصنف: فإن استويا على استوائهما فيما ذكره، وإن كان ذلك ظاهر لفظ المحرر، لئلا يلزم منه التقديم بنظافة الثوب على المهاجر وغيره مما لم يذكره، بل يحمل على ما قررته. قال المصنف في نكته: هذا كله إذا كانوا في موات أو مسجد ليس له إمام راتب، أو له وأسقط حقه وجعله لاولى الحاضرين، أي وإلا فهو المقدم. (ومستحق المنفعة بملك) للعين (ونحوه) أي الملك كإجارة ووقف ووصية وإعارة وإذن من سيد العبد، (أولى) بالإمامة من الأفقه وغيره من جميع الصفات إذا كان أهلا للإمامة ورضي بإقامة الصلاة في ملكه، لخبر أبي مسعود السابق. (فإن لم يكن أهلا) لإمامة الحاضرين كامرأة أو خنثى لرجال، أو لم يكن أهلا للصلاة ككافر، (فله التقديم) استحبابا كما في شرح مسلم لمن يكون أهلا، لأنه محل سلطانه.
هذا إن كان صحيح العبارة، وإلا بأن كان صبيا أو مجنونا أو نحو ذلك استؤذن وليه، فإن أذن لهم جمعوا وإلا صلوا فرادى.
تنبيه: في عبارة المصنف قصور فإنها لا تشمل المستعير والعبد الذي أسكنه سيده في ملكه فإنهما لا يستحقان المنفعة مع كونهما أولى، فلو عبر كالمحرر بساكن الموضع بحق لشملهما. (ويقدم) السيد لا غيره (على عبده الساكن) في ملكه بإذنه أو في غير ملكه كما قال الأسنوي: إنه المتجه وإن أذن له في التجارة، أو ملكه المساكن، لرجوع فائدة سكنى العبد إليه. وقد يفهم من كلام المصنف أن المبعض يقدم على سيده فيما ملكه ببعضه الحر، وهو كذلك كما قال الأذرعي إنه الظاهر. (لا) على (مكاتبه) كتابة صحيحة (في ملكه) أي المكاتب، لأن سيده أجنبي منه. ويؤخذ من هذا التعليل أن المكاتب لو كان ساكنا بحق في غير ملكه كمستأجر ومستعير كان الحكم كذلك، فلو عبر بدل ملكه بمستحق المنفعة كان أولى. (والأصح تقديم المكتري على المكري) المالك لأنه مالك للمنفعة. وفي الثاني يقدم المكري لأنه مالك للرقبة، وملك الرقبة أقوى من ملك المنفعة. ومقتضى التعليل كما قال الأسنوي: جريان الخلاف في الموصى له بالمنفعة مع مالك الرقبة، وأن المستأجر إذا أجر لغيره لا يقدم بلا خلاف. (و) يقدم (المعير) المالك للمنفعة ولو بدون الرقبة (على المستعير) لملكه المنفعة والرجوع فيها في كل وقت، والثاني: يقدم المستعير للسكن له في الحال، واختاره السبكي، لحديث أبي داود: ولا يؤمن الرجل الرجل في بيته والمراد بيته مسكنه، إذ لو حمل على الملك لزم تقديم المؤجر على المستأجر، والأصح خلافه. ولو حضر الشريكان أو أحدهما والمستعير من الآخر فلا يتقدم غيرهما إلا بإذنهما ولا أحدهما إلا بإذن الآخر، والحاضر منهما أحق من غيره حيث يجوز انتفاعه بالجميع، والمستعيران من الشريكين كالشريكين، فإن حضر الأربعة كفى إذن الشريكين. (والوالي في محل ولايته أولى) تقديما وتقدما (من الأفقه والمالك) وغيرهما ممن تقدم، وإن اختص بفضيلة إذا رضي المالك بإقامة الصلاة في ملكه كما عبر به الإمام وغيره ونقله في المجموع عن الأصحاب، وهو أولى ممن عبر بإقامة الجماعة، وذلك لخبر: لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولعموم سلطنته مع أن تقدم غيره بحضرته بغير إذنه لا يليق ببذل الطاعة، وتقدم أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج. ويراعى في الولاة تفاوت الدرجة، فالإمام الأعظم أولى ثم الاعلى فالأعلى من الولاة والحكام. قال الشيخان:
ويقدم الوالي على إمام المسجد، وهو أحق من غيره وإن اختص غيره بفضيلة، لخبر: لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه وإذا تبطأ استحب أن يبعث له ليحضر أو يأذن في الإمامة، فإن خيف فوات أول الوقت وأمنت الفتنة بتقديم غيره ندب لغيره أن يؤم بالقوم ليحوز فضيلة أول الوقت، فإن خيف الفتنة صلوا فرادى وندب لهم إعادتها معه تحصيلا لفضيلة الجماعة، ومحل ذلك في مسجد غير مطروق وإلا فلا بأس أن يصلوا أول الوقت جماعة. ومحل تقديم الوالي على الإمام الراتب في غيره من مولاه السلطان أو نوابه، وإلا فهو أولى من والي البلد وقاضيه. ويكره أن تقام جماعة في مسجد