مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٤٧
في ذلك خبر: ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثلاثا، رواه مسلم. قوله ليليني بياء مفتوحة بعد اللام وتشديد النون وبحذف الياء وتخفيف النون روايتان. وأولو أي أصحاب. والأحلام: جمع حلم بالكسر وهو التأني في الامر. والنهى: جمع نهية بالضم: وهي العقل، قاله في المجموع وغيره. وفي شرح مسلم: النهى: العقول، وأولو الأحلام:
العقلاء، وقيل: البالغون، فعلى القول الأول يكون اللفظان بمعنى، ولاختلاف اللفظ عطف أحدهما على الآخر تأكيدا، وعلى الثاني معناه البالغون العقلاء. ومحل ما ذكر ما إذا حضر الجميع دفعة واحدة، فلو سبق الصبيان بالحضور لم يؤخروا للرجال اللاحقين كما لو سبقوا إلى الصف الأول فإنهم أحق به على الصحيح، نقله في الكفاية عن القاضي حسين وغيره وأقره لأنهم من جنسهم بخلاف الخناثى والنساء، وإنما تؤخر الصبيان على الرجال كما قال الأذرعي إذا لم يسعهم صف الرجال وإلا كمل بهم. وقيل: إن كان الصبيان أفضل من الرجال كأن كانوا فسقة والصبيان صلحاء قدموا عليهم، قاله الدارمي.
(وتقف إمامتهن) ندبا (وسطهن) بسكون السين، لثبوت ذلك عن فعل عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما، رواه البيهقي بإسناد صحيح. أما إذا أمهن غير المرأة من رجل أو خنثى فإنه يتقدم عليهن.
فائدة: كل موضع ذكر فيه وسط إن صلح فيه بين فهو بالتسكين كما هنا وإن لم يصلح فيه ذلك كجلست وسط الدار فهو بالفتح. قال الأزهري، وقد أجازوا في المفتوح الاسكان ولم يجيزوا في الساكن الفتح. ومثل المرأة في ذلك عار أم بصراء في ضوء، فلو كانوا عراة فإن كانوا عميا أو في ظلمة أو في ضوء لكن إمامهم مكتس استحب أن يتقدم إمامهم كغيرهم بناء على استحباب الجماعة لهم، وإن كانوا بصراء بحيث يتأتى نظر بعضهم بعضا، فالجماعة في حقهم وانفرادهم سواء كما مر، فإن صلوا جماعة في هذه الحالة وقف الإمام وسطهم كما مر. قال ابن الرفعة عن الإمام والمتولي: هذا إذا أمكن وقوفهم صفا وإلا وقفوا صفوفا مع غض البصر، وبهذا جزم المصنف في مجموعه في باب ستر العورة. وإذا اجتمع الرجال مع النساء والجميع عراة لا يصلين معهم لا في صف ولا في صفين بل يتنحين ويجلسن خلفهم ويستدبرون القبلة حتى تصلي الرجال، وكذا عكسه. فإن أمكن أن يتوارى كل طائفة بمكان آخر حتى تصلي الطائفة الأخرى فهو أفضل، ذكره في المجموع. وأفضل صفوف الرجال ولو مع غيرهم والخناثى الخلص كذلك أولها، وهو الذي يلي الإمام، وإن تخلله منبر أو نحوه، ثم الأقرب فالأقرب إليه، وأفضلها للنساء مع الرجال أو الخناثى، وللخناثى مع الرجال آخرها، لأن ذلك أليق وأستر. نعم الصلاة على الجنازة صفوفها كلها في الفضيلة سواء إذا اتحد الجنس، لأن تعدد الصفوف فيها مطلوب، والسنة أن يوسطوا الإمام ويكتنفوه من جانبيه، وجهة يمينه أفضل. ويسن سد فرج الصفوف، وأن لا يشرع في صف حتى يتم الأول وأن يفسح لمن يريده، وهذا كله مستحب لا شرط، فلو خالفوا صحت صلاتهم مع الكراهة، وقد تقدم بعض ذلك.
(ويكره وقوف المأموم فردا) عند اتحاد الجنس، أما إذا اختلف كامرأة ولا نساء أو خنثى ولا خناثى فلا كراهة، بل يندب كما علم مما مر. والأصل في ذلك ما رواه البخاري عن أبي بكرة: أنه دخل والنبي (ص) راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك له (ص) فقال: زادك الله حرصا ولا تعد ويؤخذ من ذلك عدم لزوم الإعادة، وما رواه الترمذي وحسنه: أن النبي (ص) رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة حملوه على الندب جمعا بين الدليلين، على أن الشافعي ضعفه، وكان يقول في القديم: لو ثبت قلت به. وفي رواية لأبي داود بسند البخاري: فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف ولم يأمره بالإعادة مع أنه أتى ببعض الصلاة منفردا خلف الصف. قال الشارح: ويؤخذ من الكراهة فوات فضيلة الجماعة على قياس ما سيأتي في المقارنة. (بل يدخل الصف إن وجد سعة) قال في الروضة كأصلها:
أو فرجة، وكتب بخطه على الحاشية: الفرجة خلاء ظاهر. والسعة أن لا يكون خلاء ويكون بحيث لو دخل بينهما لوسعه اه‍. فتعبير المصنف بالسعة أولى من اقتصار غيره على الفرجة، إذ يفهم من السعة الفرجة ولا عكس. وفي الروضة كأصلها: له أن يخرق الصف إذا لم يجد فيه فرجة وكانت في صف قدامه لتقصيرهم بتركها اه‍. والسعة كالفرجة في ذلك.
وقضية إطلاق المصنف أنه يدخل لما ذكر في أي صف كان، وبه صرح ابن دقيق العيد، ولا يتقيد بصف أو صفين كما
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532