عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة. فلو وجب بمجرد الدخول لما علقه على الإرادة. (إلا أن يتكرر دخوله كحطاب وصياد) فلا يجب عليهما جزما للمشقة بالتكرير، وعلى الوجوب لا دم عليه ولا قضاء بترك الاحرام.
تنبيه: ما ذكر من الحصر غير مراد، بل يشترط أيضا أن يكون داخلا من الحل، وأن لا يدخل لقتال مباح، ولا خائفا من ظالم أو غريم يحبسه وهو معسر لا يمكنه معه الظهور لأداء النسك، وأن يكون حرا، فالرقيق لا إحرام عليه وإن أذن له سيده على الأصح، وقصد الحرم كقصد مكة في جميع ما ذكر كما نبهت عليه، وإن أوهمت عبارته خلافه.
فصل: فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن. (للطواف بأنواعه) من قدوم وركن ووداع وما يتحلل به في الفوات وطواف نذر وتطوع، (واجبات) لا بد منها فيه شروط كانت أو أركانا، فلا يصح بدونها ولو كان نفلا. (وسنن) يصح بدونها. (أما الواجبات) في الطواف فثمانية: أحدها ما ذكره بقوله: (فيشترط) له (ستر العورة) كسترها في الصلاة، فإن عجز عنها طاف عاريا وأجزأه كما لو صلى كذلك. (و) ثانيها: (طهارة الحدث والنجس) في الثوب والبدن والمكان، لأن الطواف بالبيت صلاة كما نطق به الخبر، وفي الصحيحين: لا يطوف بالبيت عريان قال في المجموع:
ومما عمت به البلوى غلبة النجاسة في المطاف، وقد اختار جماعة من محققي أصحابنا العفو عنها. قال: وينبغي تقييده بما يشق الاحتراز عنه من ذلك كما في دم البراغيث والقمل والبق وغيرهم مما مر، وكما في كثرة الاستنجاء بالأحجار، وكما في طين الشارع المتيقن نجاسته اه. وقال الرافعي: لم أر للأئمة تشبيه مكان الطواف بالطريق في حق المتنفل، وهو تشبيه لا بأس به، وقد عد ابن عبد السلام من البدع غسل بعض الناس المطاف، قال الأسنوي: والقياس منع المتيمم والمتنجس العاجزين عن الماء من طواف الركن لوجوب الإعادة فلا فائدة في فعله، وإنما فعلت الصلاة كذلك لحرمة الوقت، والطواف لا آخر لوقته. قال شيخنا: ويؤيده أن فاقد الطهورين إذا صلى ثم قدر على التيمم بعد الوقت لا يعيد الصلاة في الحضر لعدم الفائدة. (فلو أحدث فيه) عمدا (توضأ) وأولى منه تطهر ليشمل الغسل. (وبنى) من موضع الحدث سواء أكان عند الركن أم لا. (وفي قول يستأنف) كما في الصلاة. وفرق الأول بأن الطواف يحتمل فيه ما لا يحتمل فيها، فإن سبقه الحدث فخلاف مرتب على العمد وأولى بالبناء إن قصر الفصل، وكذا إن طال في الأصح. ولو تنجس ثوبه أو بدنه أو مطافه بما لا يعفى عنه، أو انكشف شئ من عورته كأن بدا شئ من شعر رأس الحرة أو ظفر من رجلها لم يصح المفعول بعد، فإن زال المانع بنى على ما مضى كالمحدث سواء أطال الفصل أم قصر كما مر، لعدم اشتراط الولاء فيه كالوضوء، لأن كلا منهما عبادة يجوز أن يتخللها ما ليس منها بخلاف الصلاة. لكن يسن الاستئناف خروجا من خلاف من أوجبه. ولو نام في الطواف على هيئة لا تنقض الوضوء لم ينقطع طوافه. (و) ثالثها: (أن يجعل) الطائف (البيت) في طوافه (عن يساره) مارا تلقاء وجهه إلى جهة الباب للاتباع كما أخرجه مسلم مع خبر: خذوا عني مناسككم.
فإن جعله عن يمينه ومشى أمامه، أو استقبله أو استدبره وطاف معترضا، أو جعله عن يمينه أو يساره ومشى القهقري، لم يصح طوافه لمنابذته لما ورد الشرع به. ولو طاف مستلقيا على ظهره أو على وجهه مع مراعاة كون البيت عن يساره صح كما هو مقتضى كلامهم، بخلاف ما لو طاف منكسا رأسه إلى أسفل ورجلاه إلى فوق، فإنه لا يكفي كما هو ظاهر.
تنبيه: لو زاد المصنف ما زدته لكان أولى ليخرج هذه الصورة المذكورة، وقد ذكر الأسنوي أن هذه المسألة تنقسم إلى اثنين وثلاثين قسما. قال الأذرعي: وأكثر ذلك مما يمجه السمع ولا يقبل تجويزه الذهن، وكان السكوت عنه أولى. ويستثنى من كلام المصنف استقبال الحجر الأسود في ابتداء الطواف كما سيأتي. (و) رابعها: كونه (مبتدئا) في ذلك