مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٧٨
الأصل، فصورة المسألة فيما إذا لم يخطر له التشبيه بإحرام زيد في الحال ولا في أوله. فإن خطر له التشبيه بأوله أو بالحال فالاعتبار بما خطر له قطعا، ولو أخبره زيد بما أحرم ووقع في نفسه خلافه عمل بما أخبره على الأصح في زيادة الروضة، لأنه لا يعلم إلا من جهته. ولو علق إحرامه على إحرام زيد في المستقبل، كأن قال إذا أو نحوها ك‍ متى، أو إن أحرم زيد فأنا محرم لم ينعقد إحرامه مطلقا، كما لو قال إذا جاء رأس الشهر فأنا محرم لا يصح إحرامه مطلقا، لأن العبادة لا تعلق بالاخطار، أو قال إن كان زيد محرما فأنا محرم وكان زيد محرما انعقد إحرامه، وإلا فلا تبعا له. قال الرافعي: ويجوز أن يصح في الأولى كهذه، إلا أن تلك تعليق بمستقبل وهذه تعليق بحاضر، وما يقبل التعليق من العقود يقبلها جميعا.
وأجيب بأن المعلق بحاضر أقل غررا لوجوده في الواقع فكان قريبا من أحرمت كإحرام زيد في الجملة، بخلاف المعلق بمستقبل. (فإن تعذر معرفة إحرامه) وعبر في الحاوي الصغير ب‍ تعسر، ولعل مراده التعذر، وسواء علم أنه أحرم أم جهل حاله، (بموته) أو جنونه أو غير ذلك كغيبة بعيدة، (جعل) عمرو (نفسه قارنا) بأن ينوي القران ولم يجتهد، وكذا إن نسي المحرم ما أحرم به، لأن كل منهما تلبس بالاحرام يقينا فلا يتحلل إلا بيقين الاتيان بالمشروع فيه، كما لو شك في عدد الركعات لا يجتهد. والفرق بينه وبين الأواني والقبلة أن أداء العبادة ثم لا يحصل بيقين إلا بعد فعل محظور، وهو أن يصلي لغير القبلة أو يستعمل نجسا، فلذلك جاز التحري، وهنا يحصل الأداء بيقين من غير فعل محظور. (وعمل أعمال النسكين) ليتحقق الخروج عما شرع فيه فتبرأ ذمته من الحج بعد إتيانه بأعماله، لأنه إما محرم به أو مدخل له على العمرة، ولا تبرأ ذمته من العمرة لاحتمال أنه أحرم بالحج، ويمتنع إدخالها عليه ولا دم عليه، إذ الحاصل له الحج فقط، واحتمال حصول العمرة لا يوجبه إذ لا وجوب بالشك ولكن يستحب له ذلك. ولو اقتصر على نية الحج وأتى بأعماله أجزأه عن الحج فقط ولا دم عليه أيضا، فالواجب لتحصيل الحج نيته أو نية القران، وهي أولى لتحصل البراءة من العمرة أيضا على وجه. أو اقتصر على أعمال الحج من غير نية حصل التحلل الأول لا البراءة من شئ منهما لشكه فيما أتى به، أو اقتصر على عمل العمرة لم يحصل التحلل أيضا، وإن نواها، لاحتمال أنه أحرم بحج ولم يتم أعماله مع أن وقته باق. ولو أحرم كإحرام زيد وبكر صار مثلهما في إحرامهما إن اتفقا فيما أحرما به، وإلا صار قارنا، فيأتي بما يأتيان به. نعم إن كان إحرامهما فاسدا انعقد إحرامه مطلقا كما علم مما مر، أو أحرم أحدهما فقط، فالقياس كما قال شيخنا إن إحرامه ينعقد صحيحا في الصحيح، ومطلقا في الفاسد.
فصل: في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم من الأمور الآتية: (المحرم) أي مريد الاحرام، (ينوي) بقلبه حتما دخوله في حج أو عمرة أو فيهما. ولا تجب نية الفرضية جزما كما في المجموع، لأنه لو نوى النفل لوقع عن الفرض كما مر فلا فائدة في الايجاب. (ويلبي) مع نية الاحرام بعد التلفظ بها، فينوي بقلبه ويقول بلسانه نويت الحج مثلا وأحرمت به لله تعالى، لبيك اللهم لبيك إلخ. ولا يسن ذكر ما أحرم به في غير التلبية الأولى، لأن إخفاء العبادة أفضل.
ولو نوى بقلبه نسكا ونطق لسانه بغيره انعقد ما نواه بقلبه. ويسن أن يستقبل القبلة عند الاحرام، وأن يقول: اللهم أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي. (فإن لبى بلا نية لم ينعقد إحرامه) على الأصح لخبر: إنما الأعمال بالنيات، وقيل: ينعقد، وتقوم التلبية مقام النية (وإن نوى ولم يلب انعقد على الصحيح) كسائر العبادات، والثاني: لا ينعقد، لاطباق الأمة عليها عند الاحرام، كالصلاة لا تنعقد إلا بالتلبية والتكبير. (ويسن الغسل) لاحد أمور سبعة: أحدها: (للاحرام) أي عند إرادته بحج أو عمرة أو بهما أو مطلقا من رجل أو صبي أو امرأة حائض أو نفساء للاتباع، رواه الترمذي وحسنه. وإنما لم يجب لأنه غسل لمستقبل كغسل. الجمعة والعيد، ويكره تركه وإحرامه جنبا، وغير المميز يغسله وليه لأن حكمة هذا الغسل التنظيف، ولهذا سن للحائض والنفساء. وروى أبو داود والترمذي خبر: إن الحائض والنفساء
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532