معرفة العاقدين أعمال الحج، ولا يجب ذكر الميقات، ويحمل عند الاطلاق على الميقات الشرعي. ولو استأجر للقران فالدم على المستأجر، فإن شرطه على الأجير بطلت الإجارة. ولو كان المستأجر للقران معسرا فالصوم الذي هو بدل الدم على الأجير لأن بعضه وهو الأيام الثلاثة في الحج والذي في الحج منهما هو الأجير، وجماع الأجير مفسد للحج، وتنفسخ به إجارة العين لا إجارة الذمة لأنها تختص بزمان، وينقلب فيهما الحج للأجير لأن الحج المطلوب لا يحصل بالحج الفاسد فانقلب له كمطيع المعضوب إذا جامع فسد حجه وانقلب له، وعليه أن يمضي في فاسده وعليه الكفارة. وعليه في إجارة الذمة أن يأتي بعد القضاء عن نفسه بحج آخر للمستأجر في عام آخر أو يستنيب من يحج عنه في ذلك العام أو في غيره، وللمستأجر فيها الخيار في الفسخ على التراخي لتأخر المقصود. ويسقط فرض من حج أو اعتمر بمال حرام كمغصوب وإن كان عاصيا، كما في الصلاة في مغصوب أو ثوب حرير.
باب المواقيت للنسك زمانا ومكانا: جمع ميقات، والميقات في اللغة الحد، والمراد به ههنا زمان العبادة ومكانها. وقد بدأ بالزمان فقال: (وقت إحرام الحج) لمكي أو غيره، (شوال وذو القعدة) بفتح القاف أفصح من كسرها، وجمعه ذوات القعدة وسمي بذلك لقعودهم عن القتال فيه. (وعشر ليال) بالأيام بينها، وهي تسعة (من ذي الحجة) بكسر الحاء أفصح من فتحها، وجمعه ذوات الحجة، سمي بذلك لوقوع الحج فيه. وقد فسر ابن عباس وغيره من الصحابة رضي الله تعالى عنهم قوله تعالى: * (الحج أشهر معلومات) * بذلك، أي وقت الاحرام به أشهر معلومات، إذ فعله لا يحتاج إلى أشهر. وأطلق الأشهر على شهرين وبعض شهر تنزيلا للبعض منزلة الكل، أو إطلاقا للجمع على ما فوق الواحد كما في قوله تعالى: * (أولئك مبرءون مما يقولون) * أي عائشة وصفوان. (وفي ليلة النحر) وهي العاشرة، (وجه) أنها ليست من وقته، لأن الليالي تبع للأيام، ويوم النحر لا يصح فيه الاحرام فكذا ليلته. وظاهر كلامه أنه لا يصح إحرامه بالحج إذا ضاق زمن الوقوف عن إدراكه، وبه صرح الروياني قال: وهذا بخلاف نظيره في الجمعة لبقاء الحج حجا بفوات الوقوف بخلاف الجمعة. (فلو أحرم به) أي الحج حلال، (في غير وقته) كأن أحرم به في رمضان أو أحرم مطلقا، (انعقد) إحرامه بذلك (عمرة) مجزئة عن عمرة الاسلام (على الصحيح) وعبر في الروضة بالمذهب، سواء أكان عالما أم جاهلا، لأن الاحرام شديد التعلق واللزوم، فإذا لم يقبل الوقت ما أحرم به انصرف إلى ما يقبله وهو العمرة، ولأنه إذا بطل قصد الحج فيما إذا نواه بقي مطلق الاحرام، والعمرة تنعقد بمجرد الاحرام كما مر، والثاني: لا ينعقد عمرة بل يتحلل بعمل عمرة ولا يكون ذلك مجزئا عن عمرة الاسلام، كما لو فاته الحج وتحلل بعمل عمرة، لأن كل واحد من الزمانين ليس وقتا للحج، وخرج بحلال ما لو كان محرما بعمرة ثم أحرم بحج في غير أشهره، فإن إحرامه لم ينعقد حجا لكونه في غير أشهره، ولا عمرة لأن العمرة لا تدخل على العمرة كما ذكره القاضي أبو الطيب. وإنما عبر المصنف بالصحيح دون المذهب مع أن المسألة ذات طرق إشارة إلى ضعف الخلاف.
تنبيه: لو أحرم قبل أشهر الحج ثم شك هل أحرم بحج أو عمرة فهو عمرة، أو أحرم بحج ثم شك هل كان إحرامه في أشهره أو قبلها، قال الصيمري: كان حجا لأنه تيقن إحرامه الآن وشك في تقدمه، قاله في المجموع. والميقات الزماني للعمرة جميع السنة كما قال: (وجميع السنة وقت لاحرام العمرة) وجميع أفعالها، ففي الصحيحين أنه (ص) اعتمر ثلاث مرات متفرقات في ذي القعدة - أي في ثلاثة أعوام - أو أنه اعتمر عمرة في رجب كما رواه ابن عمر، وإن أنكرته