فرع: لو شك من مسح بعد الحدث هل صلاته الرابعة أو الثالثة؟ لم يبرأ من الرابعة وحسب عليه وقتها، فلو أحدث ومسح وصلى العصر والمغرب والعشاء وشك أتقدم حدثه ومسحه أول وقت الظهر وصلاها به أم تأخر إلى وقت العصر ولم يصل الظهر فيلزمه قضاؤه، لأن الأصل بقاؤها عليه، وتجعل المدة من أول الزوال، لأن الأصل عدم غسل الرجلين.
ولو مسح شاكا فيما ذكر وصلى به لم تصح صلاته. فإن بان بقاء المدة أعاد المسح والصلاة، بخلاف ما لو مسح غير شاك، كأن مسح في اليوم الأول واستمر على طهارته إلى اليوم الثالث فله أن يصلي به لأنه صحيح ولكن يعيد ما صلاه به على الشك. (فإن أجنب) لابس الخف أو حصل منه ما يوجب الغسل من نحو حيض في أثناء المدة، (وجب تجديد لبس) بعد الغسل إن أراد المسح، بأن ينزع ويتطهر ثم يلبس، لحديث صفوان بن غسان قال: كان رسول الله (ص) يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا - بفتح السين وسكون الفاء: أي مسافرين - أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن إلا من جنابة، صححه الترمذي وغيره. دل الامر بالنزع على عدم جواز المسح في الغسل والوضوء لأجل الجنابة فهي مانعة من المسح قاطعة لمدته، حتى لو اغتسل لابسا لا يمسح بقيتها كما هو مقتضى كلام الرافعي، وإن اقتضى ما في الكفاية أنه يمسح بقيتها لارتفاع المانع. وقيس بالجنابة غيرها مما هو في معناها كالحيض والنفاس والولادة كما في المجموع، والامر في الحديث للإباحة لمجيئه في خبر النسائي: أرخص لنا. فإن قيل: الجبيرة إذا وضعت على طهر لا يجب نزعها لما ذكر مع أن في كم كل منهما مسحا على سائر لحاجة موضوع على طهر. أجيب بأن الحاجة ثم أشد والنزع أشق. (ومن نزع) في المدة خفيه أو أحدهما، أو خرجا أو أحدهما عن صلاحية المسح، أو انقضت المدة أو شك في بقائها، أو ظهر بعض الرجل بتخرق أو غيره كانحلال شرج أو نحو ذلك، (وهو بطهر المسح) في جميع ذلك، (غسل قدميه) لبطلان طهرهما بما ذكر، لأن الأصل غسلهما، والمسح بدل، فإذا زال حكم البدل رجع إلى الأصل كالتيمم بعد وجود الماء. (وفي قول يتوضأ) لأن الوضوء عبادة يبطلها الحدث، فتبطل كلها ببطلان بعضها كالصلاة. واختار المصنف في شرح المهذب كابن المنذر أنه لا يلزمه واحد منهما ويصلي بطهارته. وخرج بطهر المسح طهر الغسل بأن لم يحدث بعد اللبس، أو أحدث لكن توضأ وغسل رجليه في الخف فلا حاجة فيه إلى غسل قدميه.
خاتمة: لو تنجست رجله في الخف بدم أو غيره بنجاسة غير معفو عنها وأمكن غسلها في الخف غسلها ولم يبطل مسحه، وإن لم يمكن وجب النزع وغسل النجاسة وبطل مسحه. ولو بقي من مدة المسح ما يسع ركعة، واعتقد طريان حدث غالب فأحرم بركعتين فأكثر انعقدت صلاته، لأنه على طهارة في الحال، وصح الاقتداء به، وعلم المقتدى بحاله ويفارقه عند عروض المبطل، وإن كان أحرم بأكثر من ركعة في صلاة نافلة كان له الاقتصار على ركعة. قال في الاحياء:
يستحب لمن أراد أن يلبس الخف أن ينفضه لئلا يكون فيه حية أو عقرب أو شوكة، واستدل لذلك بما رواه الطبراني عن أبي أمامة أن النبي (ص) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما.
باب الغسل هو بالفتح مصدر غسل الشئ غسلا، والغسل بالكسر ما يغسل به الرأس من نحو سدر وخطمي، والغسل بالضم اسم للاغتسال، واسم للماء الذي يغتسل به، فيجوز في الترجمة فتح الغين وضمها، والفتح أشهر كما قاله المصنف في التهذيب، ولكن الفقهاء أو أكثرهم إنما تستعمله بالضم، وهو لغة: سيلان الماء على الشئ مطلقا، وشرعا: سيلانه على جميع البدن مع النية. (موجبه) بكسر الجيم، خمسة أمور: أحدها: (موت) المسلم غير شهيد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الجنائز،