الليل كالمبيت بمنى، وقيل: بساعة منه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة. والدعاء فيهما وفي ليلة الجمعة وليلتي أول رجب ونصف شعبان مستجاب فيستحب كما صرح به في أصل الروضة.
فصل: في التكبير المرسل والمفيد. وبدأ بالأول ويسمى بالمطلق أيضا، وهو ما لا يكون عقب صلاة فقال: (يندب التكبير) لحاضر ومسافر وذكر وغيره، ويدخل وقته (بغروب الشمس ليلتي العيد) أي الفطر والأضحى، دليل الأول قوله تعالى: * (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) * قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: سمعت من أرضاه من العلماء بالقرآن يقول: المراد بالعدة عدة الصوم، وبالتكبير عند الاكمال، ودليل الثاني القياس على الأول ولذلك كان تكبير الأول آكد للنص عليه. ويكبرون (في المنازل والطرق والمساجد والأسواق) جمع سوق يذكر ويؤنث، سميت بذلك لقيام الناس فيها على سوقهم وغيرها كالزحمة ليلا ونهارا. (برفع الصوت) للرجل إظهار الشعائر العيد، وأما المرأة فلا ترفع كما قاله الرافعي، ومحله إذا حضرت مع غير محارمها ونحوهم، ومثلها الخنثى كما بحثه بعض المتأخرين، قال أيضا: ولا يرفع صوته بالتكبير حال إقامة الصلاة. (والأظهر إدامته) ندبا للمصلي وغيره، (حتى يحرم الامام بصلاة العيد) أي يفرغ من إحرامه بها، إذ الكلام يباح إليه فالتكبير أولى ما يشتغل به لأنه ذكر الله تعالى وشعار اليوم، والثاني: حتى يخرج الامام لها، والثالث:
حتى يفرغ منها، قيل: ومن الخطبتين، وهذا فيمن لم يصل مع الامام، وعلى الأول لو صلى منفردا فالعبرة بإحرامه. (ولا يكبر الحاج ليلة) عيد (الأضحى بل يلبي) لأن التلبية شعاره، والمعتمر يلبي إلى أن يشرع في الطواف وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان ذلك في محله. ثم أشار إلى نوع التكبير المفيد وهو المفعول عقب الصلاة بقوله: (ولا يسن ليلة الفطر عقب الصلوات في الأصح) لعدم وروده، وهذا ما صححه الرافعي وكذا المصنف في أكثر كتبه وهو المعتمد، والثاني: يسن، واختاره في الأذكار ونقله البيهقي في كتاب فضائل الأوقات عن نص الشافعي، وعليه عمل غالب الناس، وعلى هذا فيكبر ليلة الفطر عقب المغرب والعشاء والصبح. (ويكبر) عقب الصلوات (الحاج من ظهر) يوم (النحر) لأنها أول صلاته بمنى ووقت انتهاء التلبية، (ويختم) التكبير (بصبح آخر) أيام (التشريق) لأنها آخر صلاة يصليها بمنى كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في محله.
(وغيره) أي الحاج (كهو) أي كالحاج في ذلك (في الأظهر) تبعا، لأن الناس تبع للحجيج وهم يكبرون من الظهر كما مر، ولاطلاق حديث مسلم: أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى وروي ذلك عن عثمان وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وقال في المجموع: وهو المشهور في مذهبنا. (وفي قول) يكبر غيره (من مغرب ليلة) يوم (النحر) ويختم أيضا بصبح آخر أيام التشريق.
تنبيه: جر الكاف للضمير قليل، والمصنف تبعا للفقهاء يكثر منه. (وفي قول من صبح) يوم (عرفة، ويختم بعصر آخر) أيام (التشريق، والعمل على هذا) في الأمصار، وصح من فعل عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس رضي الله تعالى عنهم من غير إنكار، واختاره المصنف في تصحيحه ومجموعه، وقال في الأذكار: إنه الأصح، وفي الروضة: إنه الأظهر عند المحققين. (والأظهر أنه) أي الشخص ذكرا كان أو غيره، حاضرا أو مسافرا، منفردا أو غيره. (يكبر في هذه الأيام) للجنازة، و (للفائتة والراتبة) والمنذورة (والنافلة) المطلقة أو المقيدة وذات السبب كتحية المسجد لأنه شعار الوقت. والثاني: يكبر عقب الفرائض خاصة، سواء أكانت مؤداة أم مقضية من هذه الأيام أو من غيرها، لأن الفرائض محصورة فلا يشق طلب ذلك فيها، كالاذان في أول الفرائض والأذكار في آخرها. والثالث: لا يكبر إلا عقب فرائض هذه