تكره إلا في تعليم لأنه أسهل للتعليم. ويحرم تفسير القرآن بلا علم. ونسيانه أو شئ منه كبيرة، والسنة أن يقول أنسيت كذا لا نسيته ويندب ختمه أول نهار أو ليل والدعاء بعده وحضوره والشروع بعده في ختمة أخرى وكثرة تلاوته.
وقد أفرد الكلام على ما يتعلق بالقرآن بالتصانيف، وفيما ذكرته تذكرة لأولي الألباب. (ومن تيقن طهرا أو حدثا وشك) أي تردد باستواء أو رجحان كما في الدقائق، (في ضده) هل طرأ عليه أو لا، (عمل بيقينه) لأن اليقين لا يزول بالشك، لخبر مسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شئ أو لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. فمن ظن الضد لا يعمل بظنه، لأن ظن استصحاب اليقين أقوى منه. فعلم بذلك أن المراد باليقين استصحابه، وإلا فاليقين لا يجامعه شك. وأما قول الرافعي: يعمل بظن الطهر بعد تيقن الحدث فمراده أن الماء المظنون طهارته بالاجتهاد مثلا يرفع يقين الحدث. وحمله على هذا وإن كان بعيدا أولى من حمله على أن ظن الطهر يرفع يقين الحدث الذي حمله عليه ابن الرفعة وغيره، وقال: لم أره لغير الرافعي، وأسقطه المصنف من الروضة، وقال النسائي: إنه معدود من أوهامه. (فلو تيقنهما) أي الطهر والحدث بأن وجدا منه بعد الشمس مثلا. (وجهل السابق) منهما، (فضد ما قبلهما) يأخذ به (في الأصح) فإن كان قبلهما محدثا فهو الآن متطهر اعتاد تجديد الطهارة أم لا، لأنه تيقن الطهارة وشك في تأخر الحدث عنها والأصل عدمه، وإن كان قبلهما متطهرا فهو الآن محدث لأنه تيقن الحدث وشك في تأخر الطهارة عنه والأصل عدمه. هذا إن اعتاد تجديد الطهارة وإن لم تطرد عادته، أما إذا لم يعتد التجديد فهو متطهر لأن الظاهر تأخرها عن الحدث، فإن تذكر أنه كان قبلهما متطهرا أو محدثا أخذ بما قبل الأولين عكس ما مر، قاله في البحر، قال: وهما في المعنى سواء. والحاصل أنه إن كان الوقت الذي وقع فيه الاشتباه وترا أخذ بالضد أو شفعا فبالمثل بعد اعتبار التجديد وعدمه، فإن جهل ما قبلهما وجب الوضوء لتعارض الاحتمالين بلا مرجح. ولا سبيل إلى الصلاة مع التردد المحض في الطهارة، وهذا فيمن يعتاد التجديد، أما غيره فيأخذ بالطهارة مطلقا كما مر فلا أثر لتذكره. والوجه الثاني: لا ينظر إلى ما قبلهما ويلزمه الوضوء بكل حال احتياطا، وصححه المصنف في شرحي المهذب والوسيط، واختاره في التحقيق وغيره، وقال في الروضة: إنه الصحيح عند جماعات من محققي أصحابنا، وقال في المهمات: إنه المفتى به لذهاب الأكثرين إليه، أي ولان ما قبل الشمس بطل يقينا وما بعده معارض، ولا بد من طهر معلوم أو مظنون. ومع هذا فالأول هو المعتمد كما صححه في الروضة والتحقيق.
فائدة: قال القاضي حسين: إن مبنى الفقه على أربع قواعد: اليقين لا يزال بالشك، والضرر يزال، والعادة محكمة، والمشقة تجلب التيسير. قال بعضهم: والأمور بمقاصدها. ثم قال: بني الاسلام على خمس، والفقه على خمس. وقال ابن عبد السلام:
يرجع الفقه كله إلى اعتبار المصالح ودرء المفاسد. وقال السبكي: بل إلى اعتبار المصالح فقط، لأن درء المفاسد من جملتها.
وموجب الطهارة وضوءا وغسلا هل هو الحدث أو القيام إلى الصلاة ونحوها أو هما أوجه أصحها ثالثها.
(فصل): في آداب الخلاء وفي الاستنجاء، وقد بدأ بالأول منهما فقال: (يقدم) ندبا (داخل الخلاء يساره) بفتح الياء أفصح من كسرها. (والخارج يمينه) على العكس من المسجد، لأن كل ما كان من التكريم يبدأ فيه باليمين وخلافه باليسار لمناسبة اليسار للمستقذر واليمين لغيره. وقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: إن من بدأ برجله اليمنى قبل يساره إذا دخل الخلاء ابتلي بالفقر، وفي معنى الرجل بدلها من أقطعها. والخلاء بالمد: المكان الخالي، نقل إلى البناء المعد لقضاء الحاجة عرفا. قال الترمذي: سمي باسم شيطان فيه يقال له خلاء وأورد فيه حديثا، وقيل: لأنه يتخلى فيه أي يتبرز، وجمعه أخلية كرداء وأردية، ويسمى أيضا المرفق والكنيف والمرحاض، وتعبيره به وبالدخول جرى على الغالب فلا مفهوم له كما في قوله تعالى: * (وربائبكم اللاتي في حجوركم) *، فيقدم يساره إلى موضع جلوسه في الصحراء ويمناه عند منصرفه. ودناءة الموضع قبل قضاء الحاجة فيه تحصل بمجرد قصد قضائها فيه، كالخلاء الجديد قبل أن يقضي فيه أحد حاجته، وقياس ذلك أن يكون الحكم في الصلاة في الصحراء هكذا أيضا، فيقدم اليمين للموضع الذي اختاره للصلاة. ويندب