مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٩
تكره إلا في تعليم لأنه أسهل للتعليم. ويحرم تفسير القرآن بلا علم. ونسيانه أو شئ منه كبيرة، والسنة أن يقول أنسيت كذا لا نسيته ويندب ختمه أول نهار أو ليل والدعاء بعده وحضوره والشروع بعده في ختمة أخرى وكثرة تلاوته.
وقد أفرد الكلام على ما يتعلق بالقرآن بالتصانيف، وفيما ذكرته تذكرة لأولي الألباب. (ومن تيقن طهرا أو حدثا وشك) أي تردد باستواء أو رجحان كما في الدقائق، (في ضده) هل طرأ عليه أو لا، (عمل بيقينه) لأن اليقين لا يزول بالشك، لخبر مسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شئ أو لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. فمن ظن الضد لا يعمل بظنه، لأن ظن استصحاب اليقين أقوى منه. فعلم بذلك أن المراد باليقين استصحابه، وإلا فاليقين لا يجامعه شك. وأما قول الرافعي: يعمل بظن الطهر بعد تيقن الحدث فمراده أن الماء المظنون طهارته بالاجتهاد مثلا يرفع يقين الحدث. وحمله على هذا وإن كان بعيدا أولى من حمله على أن ظن الطهر يرفع يقين الحدث الذي حمله عليه ابن الرفعة وغيره، وقال: لم أره لغير الرافعي، وأسقطه المصنف من الروضة، وقال النسائي: إنه معدود من أوهامه. (فلو تيقنهما) أي الطهر والحدث بأن وجدا منه بعد الشمس مثلا. (وجهل السابق) منهما، (فضد ما قبلهما) يأخذ به (في الأصح) فإن كان قبلهما محدثا فهو الآن متطهر اعتاد تجديد الطهارة أم لا، لأنه تيقن الطهارة وشك في تأخر الحدث عنها والأصل عدمه، وإن كان قبلهما متطهرا فهو الآن محدث لأنه تيقن الحدث وشك في تأخر الطهارة عنه والأصل عدمه. هذا إن اعتاد تجديد الطهارة وإن لم تطرد عادته، أما إذا لم يعتد التجديد فهو متطهر لأن الظاهر تأخرها عن الحدث، فإن تذكر أنه كان قبلهما متطهرا أو محدثا أخذ بما قبل الأولين عكس ما مر، قاله في البحر، قال: وهما في المعنى سواء. والحاصل أنه إن كان الوقت الذي وقع فيه الاشتباه وترا أخذ بالضد أو شفعا فبالمثل بعد اعتبار التجديد وعدمه، فإن جهل ما قبلهما وجب الوضوء لتعارض الاحتمالين بلا مرجح. ولا سبيل إلى الصلاة مع التردد المحض في الطهارة، وهذا فيمن يعتاد التجديد، أما غيره فيأخذ بالطهارة مطلقا كما مر فلا أثر لتذكره. والوجه الثاني: لا ينظر إلى ما قبلهما ويلزمه الوضوء بكل حال احتياطا، وصححه المصنف في شرحي المهذب والوسيط، واختاره في التحقيق وغيره، وقال في الروضة: إنه الصحيح عند جماعات من محققي أصحابنا، وقال في المهمات: إنه المفتى به لذهاب الأكثرين إليه، أي ولان ما قبل الشمس بطل يقينا وما بعده معارض، ولا بد من طهر معلوم أو مظنون. ومع هذا فالأول هو المعتمد كما صححه في الروضة والتحقيق.
فائدة: قال القاضي حسين: إن مبنى الفقه على أربع قواعد: اليقين لا يزال بالشك، والضرر يزال، والعادة محكمة، والمشقة تجلب التيسير. قال بعضهم: والأمور بمقاصدها. ثم قال: بني الاسلام على خمس، والفقه على خمس. وقال ابن عبد السلام:
يرجع الفقه كله إلى اعتبار المصالح ودرء المفاسد. وقال السبكي: بل إلى اعتبار المصالح فقط، لأن درء المفاسد من جملتها.
وموجب الطهارة وضوءا وغسلا هل هو الحدث أو القيام إلى الصلاة ونحوها أو هما أوجه أصحها ثالثها.
(فصل): في آداب الخلاء وفي الاستنجاء، وقد بدأ بالأول منهما فقال: (يقدم) ندبا (داخل الخلاء يساره) بفتح الياء أفصح من كسرها. (والخارج يمينه) على العكس من المسجد، لأن كل ما كان من التكريم يبدأ فيه باليمين وخلافه باليسار لمناسبة اليسار للمستقذر واليمين لغيره. وقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: إن من بدأ برجله اليمنى قبل يساره إذا دخل الخلاء ابتلي بالفقر، وفي معنى الرجل بدلها من أقطعها. والخلاء بالمد: المكان الخالي، نقل إلى البناء المعد لقضاء الحاجة عرفا. قال الترمذي: سمي باسم شيطان فيه يقال له خلاء وأورد فيه حديثا، وقيل: لأنه يتخلى فيه أي يتبرز، وجمعه أخلية كرداء وأردية، ويسمى أيضا المرفق والكنيف والمرحاض، وتعبيره به وبالدخول جرى على الغالب فلا مفهوم له كما في قوله تعالى: * (وربائبكم اللاتي في حجوركم) *، فيقدم يساره إلى موضع جلوسه في الصحراء ويمناه عند منصرفه. ودناءة الموضع قبل قضاء الحاجة فيه تحصل بمجرد قصد قضائها فيه، كالخلاء الجديد قبل أن يقضي فيه أحد حاجته، وقياس ذلك أن يكون الحكم في الصلاة في الصحراء هكذا أيضا، فيقدم اليمين للموضع الذي اختاره للصلاة. ويندب
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532