تلبسها الجن بالليل وأنتم بالنهار فتبلى سريعا ".
باب صلاة العيدين:
الفطر والأضحى. والعيد مشتق من العود لتكرره كل عام، وقيل: لكثرة عوائد الله تعالى فيه على عباده، وقيل:
لعود السرور بعوده. وجمعه أعياد، وإنما جمع بالياء وإن كان أصله الواو للزومها في الواحد، وقيل: للفرق بينه وبين أعواد الخشب. والأصل في صلاته قبل الاجماع مع الاخبار الآتية قوله تعالى: * (فصل لربك وانحر) * أراد به صلاة الأضحى والذبح. وأول عيد صلاه (ص) عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة ولم يتركها، فهي سنة كما قال: (هي سنة) لقوله (ص) للسائل عن الصلاة: خمس صلوات كتبهن الله تعالى على عباده. قال له: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع.
(مؤكدة) لمواظبته (ص) عليها. (وقيل فرض كفاية) نظرا إلى أنها من شعائر الاسلام ولأنها يتوالى فيها التكبير فأشبهت صلاة الجنازة، فإن تركها أهل البلد أثموا وقوتلوا على الثاني دون الأول. وأجمع المسلمون على أنها ليست فرض عين. وأما قول الشافعي رضي الله تعالى عنه: إن من وجب عليه حضور الجمعة وجب عليه حضور العيدين، فمحمول على التأكيد. (وتشرع جماعة) لفعله (ص)، وهي أفضل في حق غير الحاج بمنى من تركها بالاجماع، أما هو فلا يسن له صلاتها جماعة وتسن له منفردا. (و) تشرع أيضا (للمنفرد والعبد والمرأة والمسافر) والخنثى والصغير، فلا تتوقف على شروط الجمعة من اعتبار الجماعة والعدد وغيرهما. ويسن الاجتماع لها في موضع واحد، ويكره تعدده بلا حاجة وللامام المنع منه. قال الماوردي: ويأمرهم الامام بها، قال المصنف: وجوبا، أي لأنها من شعائر الدين، قال الأذرعي: ولم أره لغيره، وقيل: ندبا. وعلى الوجهين إذا أمرهم بها وجب عليهم الامتثال. (ووقتها) ما (بين طلوع الشمس وزوالها) يوم العيد، لأن مبنى الصلوات التي تشرع فيها الجماعة على عدم الاشتراك في الأوقات، فمتى خرج وقت صلاة دخل وقت صلاة أخرى. وهذه الصلاة منسوبة إلى اليوم، واليوم يدخل بطلوع الفجر، وهذا اليوم ليس فيه وقت خال عن صلاة تشرع لها الجماعة. وأما كون آخر وقتها الزوال فمتفق عليه لأنه يدخل به وقت صلاة أخرى، وسيأتي أنهم لو شهدوا يوم الثلاثين بعد الزوال وعدلوا بعد المغرب أنها تصلى من الغد أداء. (ويسن تأخيرها لترتفع) الشمس (كرمح) أي كقدره للاتباع وللخروج من الخلاف، فإن لنا وجها اختاره السبكي وغيره أنه إنما يدخل وقتها بالارتفاع، ففعلها قبل الارتفاع مكروه كراهة تنزيه لذلك لا أنه من أوقات الكراهة المنهي عنه، لقول الرافعي في باب الاستسقاء: ومعلوم أن أوقات الكراهة غير داخلة في وقت صلاة العيد. (وهي ركعتان) بالاجماع وللأدلة الآتية، وحكمها في الأركان والشرائط والسنن كسائر الصلوات.
(يحرم بهما) بنية صلاة عيد الفطر أو الأضحى كما في أصل الروضة، وقيل: لا يحتاج إلى تمييز عيد الفطر من الأضحى لاستوائهما في مقصود الشارع. وهذا أقلها، وبيان أكملها مذكور في قوله: (ثم) بعد تكبيرة الاحرام (يأتي بدعاء الافتتاح) كسائر الصلوات، (ثم سبع تكبيرات) لما رواه الترمذي وحسنه: أنه (ص) كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الثانية خمسا قبل القراءة. وعلم من عبارة المصنف أن تكبيرة الاحرام ليست من السبعة. وجعلها مالك والمزني وأبو ثور منها، ورد عليهم بما رواه أبو عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي (ص) كان يكبر في الفطر في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة الاحرام رواه أبو داود، وهو حجة على أبي حنيفة أيضا حيث قال: يكبر ثلاثا. (يقف) ندبا (بين كل ثنتين) منهما (كآية معتدلة) لا طويلة ولا قصيرة، (يهلل) أي يقول: لا إله إلا الله، (ويكبر) أي يقول: