مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٧٦
باب صلاة الجمعة بضم الميم وإسكانها وفتحها، وحكى كسرها، وجمعها جمعات وجمع، سميت بذلك لاجتماع الناس لها، وقيل: لما جمع في يومها من الخير، وقيل: لأنه جمع فيه خلق آدم، وقيل: لاجتماعه فيه مع حواء في الأرض. وكان يسمى في الجاهلية يوم العروبة: أي البين المعظم، وقيل: يوم الرحمة، قال الشاعر:
نفسي الفداء لأقوام هم خلطوا يوم العروبة أورادا بأوراد وهي أفضل الصلوات، ويومها أفضل الأيام، وخير يوم طلعت فيه الشمس، يعتق الله فيه ستمائة ألف عتيق من النار، من مات فيه كتب الله له أجر شهيد، ووقي فتنة القبر. وفي فضائل الأوقات للبيهقي من حديث أبي لبابة بن عبد المنذر مرفوعا: يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها، وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى. وهي بشروطها فرض عين لقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا) * أي امضوا * (إلى ذكر الله) * وقوله (ص):
رواح الجمعة واجب على كل محتلم. وقوله (ص): من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه رواه أبو داود وغيره. وقوله (ص): من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر فقد نبذ الاسلام وراء ظهره رواه البيهقي في الشعب عن ابن عباس مرفوعا. وفرضت الجمعة والنبي (ص) بمكة، ولم يصلها حينئذ إما لأنه لم يكمل عددها عنده، أو لأن من شعارها الاظهار، وكان (ص) بها مستخفيا. والجديد أن الجمعة ليست ظهرا مقصورا وإن كان وقتها وقته وتتدارك صلاتها به، بل صلاة مستقلة لأنه لا يغني عنها، ولقول عمر رضي الله تعالى عنه: الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم (ص) وقد خاب من افترى رواه الإمام أحمد وغيره، وقال في المجموع: إنه حسن. والقديم أنها ظهر مقصورة، ومعلوم أنها ركعتان، وهي كغيرها من الخمس في الأركان والشروط والآداب، وتختص بشروط لصحتها وشروط للزومها وبآداب، وستأتي كلها. و (إنما تتعين) أي تجب وجوب عين لصحتها (على كل) مسلم (مكلف) أي بالغ عاقل (حر ذكر مقيم بلا مرض ونحوه) كخوف وعري وجوع وعطش، فلا جمعة على صبي ولا على مجنون كغيرها من الصلوات. وهذا علم من قوله: إنما تجب الصلاة على كل مكلف إلخ، ولهذا أسقط قيد الاسلام، قال في الروضة: والمغمى عليه كالمجنون بخلاف السكران فإنه يلزمه قضاؤه ظهرا كغيرها ولا على عبد وامرأة ومسافر سفرا مباحا ولو قصيرا لاشتغاله، وقد روي مرفوعا: لا جمعة على مسافر لكن قال البيهقي: والصحيح وقفه على ابن عمر، ولا على مريض، لحديث الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض رواه أبو داود وغيره. وألحق بالمرأة الخنثى لاحتمال أنه أنثى فلا تلزمه، وبالمريض نحوه، كما شملهما قوله: (ولا جمعة على معذور بمرخص في ترك الجماعة) مما يمكن مجيئه في الجمعة، فإن الريح بالليل لا يمكن عذرها. وتوقف السبكي في قياس الجمعة على غيرها وقال: كيف يلحق فرض العين بما هو سنة أو فرض كفاية، بل ينبغي أن كل ما ساوت مشقته مشقة المرض يكون عذرا قياسا على المرض المنصوص، وما لا فلا إلا بدليل، لكن قال ابن عباس: الجمعة كالجماعة وهو مستند الأصحاب. ومن الاعذار الاشتغال بتجهيز الميت كما اقتضاه كلامهم، وإسهال لا يضبط الشخص نفسه معه ويخشى منه تلويث المسجد كما في التتمة. وذكر الرافعي في الجماعة أن الحبس عذر إذا لم يكن مقصرا فيه فيكون هنا كذلك، وأفتى البغوي بأنه يجب إطلاقه لفعلها، والغزالي بأن القاضي إن رأى المصلحة في منعه منع وإلا فلا وهذا أولى. ولو اجتمع في الحبس أربعون فصاعدا، قال الأسنوي: فالقياس أن الجمعة تلزمهم، وإذا لم يكن فيهم من يصلح لاقامتها
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532