مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٥٩
ففوته الصوم كفارة لزمته قبل النذر ولا يلزمه القضاء. ولو خرج لإقامة حد ثبت عليه بالبينة لم ينقطع تتابعه، بخلاف ما إذا ثبت بإقراره. ولو خرجت المعتكفة لقضاء عدة لا بسببها ولا في مدة إذن زوجها لها في الاعتكاف لم ينقطع التتابع وإن كانت مختارة لنكاح، لأن النكاح لا يباشر للعدة بخلاف تحمل الشهادة إنما يكون للأداء كما مر. فإن كانت العدة بسببها كأن علق طلاقها بمشيئتها فقالت وهي معتكفة شئت، أو قدر زوجها مدة لاعتكافها فخرجت قبل تمامها، فإن تتابعها ينقطع. (ولا) ينقطع التتابع (بخروج المؤذن الراتب إلى منارة) - بفتح الميم - للمسجد، (منفصلة عن المسجد) قريبة منه، (للاذان في الأصح) لأنها مبنية له معدودة من توابعه، وقد اعتاد الراتب صعودها وألف الناس صوته، فيعذر فيه ويجعل زمن الاذان كالمستثنى من اعتكافه. والثاني: ينقطع مطلقا، للاستغناء عنها بسطح المسجد فيؤذن عليه.
والثالث: يجوز للراتب وغيره، لأنها مبنية للمسجد معدودة من توابعه. وعلى الأول لو خرج غير الراتب للاذان أو خرج الراتب لغيره أو له لكن إلى منارة ليست للمسجد أو له لكن بعيدة عنه انقطع التتابع. واحترز المصنف بالمنفصلة عن منارة بابها في المسجد أو في رحبته، فلا يضر صعودها مطلقا ولو كانت خارجة عن سمت البناء وتربيعه، وتكون حينئذ في حكم المسجد كمنارة مبنية في المسجد مالت إلى الشارع فيصح الاعتكاف فيها. وإن كان المعتكف في هواء الشارع ولو اتخذ للمسجد جناح إلى الشارع فاعتكف فيه إنسان لم يصح كما قاله بعض المتأخرين، خلافا للزركشي في قوله بالصحة.
وقضية التعليل أنها لو بنيت لغيره أنه لم يخرج لها قريبة كانت أو بعيدة، وهو كذلك. نعم إن بنيت لمسجد متصل بمسجد الاعتكاف جاز له الخروج إليها تبعا بناء على أن المساجد المتصلة حكمها حكم المسجد الواحد، وخرج بالقريبة البعيدة، فينقطع الخروج لها التتابع. ولم يتعرضوا لحد البعيدة، وضبطه بعضهم بأن تكون خارجة عن جوار المسجد، وجاره أربعون دارا من كل جانب. وقال بعض آخر: يحتمل ضبط البعيدة بما جاوز حريم المسجد. اه‍. والظاهر أن مرجع ذلك إلى العرف. (ويجب قضاء أوقات الخروج) من المسجد من نذر اعتكاف متتابع، (بالاعذار) السابقة التي لا ينقطع بها التتابع، كوقت أكل وحيض ونفاس واغتسال جنابة، لأنه غير معتكف فيها. (إلا أوقات قضاء الحاجة) ونحوها مما يطلب له الخروج ولم يطل زمنه عادة، كغسل جنابة وأذان راتب وأكل، فلا يجب قضاؤها لأنها مستثناة معتكف فيها، ولذا قال الأسنوي: اقتصار المصنف على استثناء قضاء الحاجة تبع فيه الرافعي، ولم أعلم أحدا قال بذلك بعد الفحص الشديد، بخلاف ما يطول زمنه كمرض وعدة، وتقدم أن الزمن المصروف إلى ما شرط من عارض في مدة معينة لا يجب تداركه.
خاتمة: لو أحرم المعتكف بالحق وخشي فوته قطع الاعتكاف ولم يبن بعد فراغه من الحق على اعتكافه الأول، فإن لم يخش فوته أتم اعتكافه ثم خرج لحجه، ولو نذر اعتكاف شهر بعينه فبان أنه انقضى قبل نذره لم يلزمه شئ، لأن اعتكاف شهر قد مضى محال. وهل الأفضل للمتطوع الخروج لعيادة المريض، أو دوام الاعتكاف؟ قال الأصحاب:
هما سواء، وقال ابن الصلاح: إن الخروج لها مخالف للسنة، لأن النبي (ص) لم يكن يخرج لذلك وكان اعتكافه تطوعا. وقال البلقيني: ينبغي أن يكون موضع التسوية في عيادة الأجانب. أما ذو الرحم والأقارب والأصدقاء والجيران فالظاهر أن الخروج لعيادتهم أفضل، لا سيما إذا علم أنه يشق عليهم، وعبارة القاضي الحسين مصرحة بذلك، وهذا هو الظاهر.
كتاب الحج بفتح أوله وكسره، لغة: القصد، كما قاله الجوهري. وقال الخليل: كثرة القصد إلى من يعظم. وشرعا: قصد الكعبة
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532