عن خبر مسلم: سأل أعمى النبي (ص) أن يرخص له في الصلاة في بيته لكونه لا قائد له فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء؟ فقال: نعم، قال: فأجب بأنه سأل هل له رخصة في الصلاة ببيته منفردا تلحقه بفضيلة من صلى جماعة؟ فقيل: لا، وجزم الروياني بأنه يكون محصلا للجماعة إذا صلى منفردا وكان قصده الجماعة لولا العذر، ونقله في الكفاية وأقره في البحر عن القفال وارتضاه وجزم به الماوردي والغزالي. ويدل له خبر أبي موسى. إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمله صحيحا مقيما رواه البخاري. وقال الأسنوي: وما في المجموع من عدم حصول فضلها مردود سببه الذهول عما سبق نقلا واستدلالا. وحمل بعضهم كلام المجموع على متعاطي السبب كأكل بصل وثوم، وكلام هؤلاء على غيره كمطر ومرض، وجعل حصولها كحصولها لمن حضرها لا من كل وجه لا بل في أصلها لئلا ينافيه خبر الأعمى، وهو جمع حسن.
فصل: في صفات الأئمة. (لا يصح اقتداؤه بمن يعلم بطلان صلاته) كمن علم بكفره أو حدثه أو نجاسة ثوبه لأنه ليس في صلاة فكيف يقتدي به، (أو يعتقده) أي بطلانها من حيث الاجتهاد في غير اختلاف المذاهب في الفروع، أما الاجتهاد في الفروع فسيأتي. والمراد بالاعتقاد هنا أن يظنه ظنا غالبا، كما يفهم من المثال لا المصطلح عليه عند الأصوليين، وهو الجزم المطابق لدليل. (كمجتهدين اختلفا في القبلة أو) في (إناءين) من الماء طاهر ونجس بأن أدى اجتهاد أحدهما إلى غير ما أدى إليه اجتهاد الآخر في المسألتين وتوضأ كل من إنائه في الثانية فليس لواحد منهما أن يقتدي بالآخر في كل من المسألتين لاعتقاده بطلان صلاته. (فإن تعدد الطاهر) من الآتية: كأن كانت الأواني ثلاثة والطاهر منها اثنان والمجتهدون ثلاثة وظن كل منهم طهارة إنائه فقط، (فالأصح الصحة) أي صحة اقتداء بعضهم ببعض، (ما لم يتعين إناء الإمام للنجاسة) فيصح الاقتداء في مثالنا لكل منهم بواحد فقط لتعين الاناء الثالث للنجاسة في حقه. (فإن ظن) واحد باجتهاده (طهارة إناء غيره اقتدى به) جوازا (قطعا)، أو نجاسة لم يقتد به قطعا كما في حق نفسه. (فلو اشتبه خمسة) من الآنية (فيها نجس على خمسة) من أناس (فظن كل) منهم (طهارة إناء) منها (فتوضأ به) ولم يظن شيئا في الأواني الأربعة، (وأم كل) منهم (في صلاة) من الخمس الباقين مبتدئين بالصبح، (ففي) الوجه (الأصح) السابق في المسألة قبلها (يعيدون العشاء) لتعين النجاسة في إناء أمامها بزعمهم، (إلا إمامها فيعيد المغرب) لتعين إمامها للنجاسة في حقه. وضابط ذلك أن كل واحد يعيد ما كان مأموما فيه آخرا. والوجه الثاني: يعيد كل منهم ما صلاه مأموما، وهو أربع صلوات لعدم صحة الاقتداء لما تقدم. ولو كان في الخمسة إناءان نجسان صح اقتداء كل منهم باثنين فقط، أو النجس منها ثلاثة فبواحد فقط. وبذلك علم أن من كان تأخر منهم تعين الاقتداء به للبطلان كما علم من الضابط المتقدم، ولو كان النجس أربعة امتنع الاقتداء بينهم، ولو سمع صوت حدث بين جماعة وأنكر كل منهم وقوعه منه فعلى ما ذكر في الأواني. ثم شرع في اختلاف المذاهب في الفروع، فقال: (ولو اقتدى شافعي بحنفي) فعل مبطلا عندنا دونه، كأن (مس فرجه) أو ترك الطمأنينة أو البسملة أو الفاتحة أو بعضها، (أو) عنده دوننا كأن (افتصد فالأصح الصحة) أي صحة الاقتداء (في الفصد دون المس) ونحوه مما تقدم (اعتبار بنية) أي اعتقاد (المقتدي) لأنه محدث عنده بالمس دون الفصد، والثاني عكس ذلك اعتبارا باعتقاد المقتدى به لأنه يرى أنه متلاعب في الفصد ونحوه فلا يقع منه نية صحيحة، وحينئذ فلا يتصور جزم المأموم بالنية. ولو حافظ المخالف