مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢١٩
(وهي) أي سجدة الشكر، (كسجدة التلاوة) خارج الصلاة في كيفيتها وشرائطها كما قاله في المحرر لما مر في تلك، ومر أنها لا تقضى كسجدة التلاوة. (والأصح جوازهما) أي السجدتين خارج الصلاة، (على الراحلة للمسافر) بالايماء لمشقة النزول، وخالف الجنازة على الراجح، وإن كان في إقامة كان عليها إبطال ركنه الأعظم، وهو تمكين الجبهة من موضع السجود والقيام في الجنازة، لأن الجنازة تندر فلا يشق النزول لها، ولان حرمة الميت تقتضي النزول.
والثاني: لا يجوز لفوات أعظم أركانها، وهو التصاق الجبهة من موضع السجود. أما لو كان في مرقد وأتم سجوده فإنه يجوز بلا خلاف. والماشي يسجد على الأرض، (فإن سجد لتلاوة صلاة جاز) الايماء (عليها) أي الراحلة، (قطعا) تبعا للنافلة كسجود السهو. وخرج بسجود التلاوة سجود الشكر فإنه لا يفعل في الصلاة كما مر.
خاتمة: يسن مع سجدة الشكر كما في المجموع الصدقة والصلاة للشكر. وقال الخوارزمي: لو أقام التصدق أو صلاة ركعتين مقام السجود كان حسنا، ولو قرأ آية سجدة في الصلاة ليسجد بها للشكر لم يجز. وتبطل صلاته بسجوده كما لو دخل المسجد في وقت النهي ليصلي التحية. وتبطل أيضا لو قصد بها التلاوة والشكر تغليبا للمبطل، بخلاف ما لو قصد القراءة والرد على الإمام، لأن في الرد مصلحة للصلاة، ولهذا قيل: لا تبطل ولو قصد الرد فقط. ولو تقرب إلى الله بسجدة من غير سبب حرم ولو بعد صلاة كما يحرم بركوع مفرد ونحوه، لأنه بدعة وكل بدعة ضلالة، إلا ما استثني.
ومما يحرم ما يفعله كثير من الجهلة من السجود بين يدي المشايخ ولو إلى القبلة أو قصده لله تعالى، وفي بعض صوره ما يقتضي الكفر، عافانا الله تعالى من ذلك.
باب: في صلاة النفل.
وهو لغة: الزيادة، واصطلاحا: ما عدا الفرائض، سمي بذلك لأنه زائد على ما فرضه الله تعالى. ويرادف النفل السنة والمندوب والمستحب والمرغب فيه والحسن، هذا هو المشهور. وقال القاضي وغيره: غير الفرض ثلاثة: تطوع، وهو ما لم يرد فيه نقل بخصوصه، بل ينشئه الانسان ابتداء. وسنة، وهي ما واظب عليه (ص). ومستحب: وهو ما فعله أحيانا، أو أمر به ولم يفعله. ولم يتعرضوا للبقية لعمومها للثلاثة مع أنه لا خلاف في المعنى فإن بعض المسنونات آكد من بعض قطعا، وإنما الخلاف في الاسم. وأفضل عبادات البدن بعد الاسلام الصلاة لخبر الصحيحين: أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لوقتها. وقيل: الصوم، لخبر الصحيحين: قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به. وقيل: إن كان بمكة فالصلاة، أو بالمدينة فالصوم. ورد ذلك بأن الصلاة تجمع ما في سائر العبادات، وتزيد عليها بوجوب الاستقبال ومنع الكلام والمشي وغيرهما، ولأنها لا تسقط بحال، ويقتل تاركها بخلاف غيرها.
وقال القاضي: الحج أفضل. وقال ابن أبي عصرون: الجهاد أفضل. وقال في الاحياء: العبادات تختلف أفضليتها باختلاف أحوالها وفاعلها. قال في المجموع: والخلاف في الاكثار من أحدهما مع الاقتصار على الآكد من الآخر، وإلا فصوم يوم أفضل من ركعتين بلا شك. وخرج بإضافة العبادات إلى البدن أمران: أحدهما عبادة القلب كالايمان والمعرفة والصبر والرضا والخوف والرجاء، وأفضلها الايمان وهي أفضل من العبادات البدنية. والثاني: العبادات المالية، قال الفارقي: إنها أفضل من العبادات البدنية لتعدي النفع بها. والأولى كما قاله ابن عبد السلام: إن كانت مصلحة القاصر أرجح فهو أرجح، أو المتعدي فهو أرجح. وإذا كانت الصلاة أفضل العبادات كما مر ففرضها أفضل الفروض وتطوعها أفضل التطوع، ولا يرد حفظه غير الفاتحة من القرآن ولا الاشتغال بالعلم حيث نص الشافعي على أنه أفضل من صلاة التطوع، لأنهما فرضا كفاية. وهو ينقسم إلى قسمين كما قال: صلاة النفل قسمان: قسم لا يسن جماعة بالنصب
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532