(وهي) أي سجدة الشكر، (كسجدة التلاوة) خارج الصلاة في كيفيتها وشرائطها كما قاله في المحرر لما مر في تلك، ومر أنها لا تقضى كسجدة التلاوة. (والأصح جوازهما) أي السجدتين خارج الصلاة، (على الراحلة للمسافر) بالايماء لمشقة النزول، وخالف الجنازة على الراجح، وإن كان في إقامة كان عليها إبطال ركنه الأعظم، وهو تمكين الجبهة من موضع السجود والقيام في الجنازة، لأن الجنازة تندر فلا يشق النزول لها، ولان حرمة الميت تقتضي النزول.
والثاني: لا يجوز لفوات أعظم أركانها، وهو التصاق الجبهة من موضع السجود. أما لو كان في مرقد وأتم سجوده فإنه يجوز بلا خلاف. والماشي يسجد على الأرض، (فإن سجد لتلاوة صلاة جاز) الايماء (عليها) أي الراحلة، (قطعا) تبعا للنافلة كسجود السهو. وخرج بسجود التلاوة سجود الشكر فإنه لا يفعل في الصلاة كما مر.
خاتمة: يسن مع سجدة الشكر كما في المجموع الصدقة والصلاة للشكر. وقال الخوارزمي: لو أقام التصدق أو صلاة ركعتين مقام السجود كان حسنا، ولو قرأ آية سجدة في الصلاة ليسجد بها للشكر لم يجز. وتبطل صلاته بسجوده كما لو دخل المسجد في وقت النهي ليصلي التحية. وتبطل أيضا لو قصد بها التلاوة والشكر تغليبا للمبطل، بخلاف ما لو قصد القراءة والرد على الإمام، لأن في الرد مصلحة للصلاة، ولهذا قيل: لا تبطل ولو قصد الرد فقط. ولو تقرب إلى الله بسجدة من غير سبب حرم ولو بعد صلاة كما يحرم بركوع مفرد ونحوه، لأنه بدعة وكل بدعة ضلالة، إلا ما استثني.
ومما يحرم ما يفعله كثير من الجهلة من السجود بين يدي المشايخ ولو إلى القبلة أو قصده لله تعالى، وفي بعض صوره ما يقتضي الكفر، عافانا الله تعالى من ذلك.
باب: في صلاة النفل.
وهو لغة: الزيادة، واصطلاحا: ما عدا الفرائض، سمي بذلك لأنه زائد على ما فرضه الله تعالى. ويرادف النفل السنة والمندوب والمستحب والمرغب فيه والحسن، هذا هو المشهور. وقال القاضي وغيره: غير الفرض ثلاثة: تطوع، وهو ما لم يرد فيه نقل بخصوصه، بل ينشئه الانسان ابتداء. وسنة، وهي ما واظب عليه (ص). ومستحب: وهو ما فعله أحيانا، أو أمر به ولم يفعله. ولم يتعرضوا للبقية لعمومها للثلاثة مع أنه لا خلاف في المعنى فإن بعض المسنونات آكد من بعض قطعا، وإنما الخلاف في الاسم. وأفضل عبادات البدن بعد الاسلام الصلاة لخبر الصحيحين: أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لوقتها. وقيل: الصوم، لخبر الصحيحين: قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به. وقيل: إن كان بمكة فالصلاة، أو بالمدينة فالصوم. ورد ذلك بأن الصلاة تجمع ما في سائر العبادات، وتزيد عليها بوجوب الاستقبال ومنع الكلام والمشي وغيرهما، ولأنها لا تسقط بحال، ويقتل تاركها بخلاف غيرها.
وقال القاضي: الحج أفضل. وقال ابن أبي عصرون: الجهاد أفضل. وقال في الاحياء: العبادات تختلف أفضليتها باختلاف أحوالها وفاعلها. قال في المجموع: والخلاف في الاكثار من أحدهما مع الاقتصار على الآكد من الآخر، وإلا فصوم يوم أفضل من ركعتين بلا شك. وخرج بإضافة العبادات إلى البدن أمران: أحدهما عبادة القلب كالايمان والمعرفة والصبر والرضا والخوف والرجاء، وأفضلها الايمان وهي أفضل من العبادات البدنية. والثاني: العبادات المالية، قال الفارقي: إنها أفضل من العبادات البدنية لتعدي النفع بها. والأولى كما قاله ابن عبد السلام: إن كانت مصلحة القاصر أرجح فهو أرجح، أو المتعدي فهو أرجح. وإذا كانت الصلاة أفضل العبادات كما مر ففرضها أفضل الفروض وتطوعها أفضل التطوع، ولا يرد حفظه غير الفاتحة من القرآن ولا الاشتغال بالعلم حيث نص الشافعي على أنه أفضل من صلاة التطوع، لأنهما فرضا كفاية. وهو ينقسم إلى قسمين كما قال: صلاة النفل قسمان: قسم لا يسن جماعة بالنصب