الفطر به كالشهادة على هلال شوال فهو قياس ما قالوه في القبلة والوقت والاذان. (ويجوز إذا ظن بقاء الليل) بالاجتهاد لأن الأصل بقاؤه. (قلت: وكذا لو شك) فيه (والله أعلم) لما ذكر. ولو أخبره عدل بطلوع الفجر لزمه الامساك. (ولو أكل باجتهاد أولا) أي أول النهار. (أو آخرا) أي آخر النهار، (وبان الغلط بطل صومه) لتحققه خلاف ما ظنه، إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه. (أو بلا ظن) كأن هجم وهو جائز في آخر الليل حراما في آخر النهار. (ولم يبن الحال صح إن وقع) الاكل (في أوله) لأن الأصل بقاء الليل، (وبطل) إن وقع الاكل (في آخره) لأن الأصل بقاء النهار. قال الشارح: ولا مبالاة بالتسمح في هذا الكلام لظهور المعنى المراد، أي وهو أنه أدى اجتهاده إلى عدم طلوع الفجر فأكل، أو إلى غروب الشمس فأكل.
(ولو طلع الفجر) الصادق (وفي فمه طعام فلفظه) أي رماه، (صح صومه) وإن سبق إلى جوفه منه شئ لأنه لو وضعه في فمه نهارا لم يفطر فبالأولى إذا جعله فيه ليلا. ومثل اللفظ ما لو أمسكه ولم يبلغ منه شيئا، واحترز به عما لو ابتلع منه شيئا باختياره فإنه يفطر. (وكذا) يصح صومه (لو كان) عند طلوع الفجر (مجامعا فنزع في الحال) لأن النزع ترك الجماع، فأشبه ما لو حلف لا يلبس ثوبا وهو لا يلبسه فنزعه، وسواء أنزل حال النزع أم لا، لتولده من مباشرة مباحة.
تنبيه: إتيان المصنف بفاء التعقيب بعد طلوع الفجر يعلم منه أن صورة المسألة أن يعلم بالفجر أول طلوعه فينزع على الفور. ويؤخذ منه بطريق الأولى ما لو أحس وهو مجامع بتباشير الصبح فنزع بحيث وافق آخر النزع ابتداء الطلوع، ويخرج به ما لو مضى زمن بعد طلوع ثم علم به فإنه يبطل صومه. ويشترط أن يقصد بالنزع الترك، فإن لم يقصده بطل صومه كما قال الشيخ أبو حامد وأبو محمد والامام وغيرهم. فإن قيل: كيف يعلم بأول طلوع الفجر لأن طلوعه الحقيقي متقدم على علمنا به؟ أجيب بأنا إنما تعبدنا بما نطلع عليه، ولا معنى للصبح إلا طلوع الضوء للناظر، وما قابله لا حكم له، فإذا كان الشخص عارفا بالأوقات ومنازل الفجر ورصد بحيث لا حائل فهو أول الصبح المعتبر. (فإن مكث بطل) صومه، أي لم ينعقد لوجود المنافي ولو لم يبق من الليل إلا ما يسع الايلاج لا النزع، فعن ابن خيران منع الايلاج، أي وهو الظاهر، وعن غيره جوازه. ثم شرع في الركن الثالث، وهو الصيام منبها على شروطه، فقال:
(فصل: شرط الصوم) أي شرط صحته من حيث الفاعل، (الاسلام) فلا يصح صوم الكافر بحال، أصليا كان أم غيره. (والعقل) أي التمييز، فلا يصح صوم المجنون والطفل غير المميز لفقدان النية، ويصح عن صبي مميز. (والنقاء عن الحيض والنفاس) فلا يصح صومهما بالاجماع كما في المجموع. ويشترط ما ذكر (جميع النهار) فلو طرأ في أثناء النهار ردة أو جنون أو حيض أو نفاس بطل صومه، وقد يفهم أنها لو ولدت ولم تر دما أنه لا يبطل الصوم، وليس مرادا بل الأصح كما في المجموع والتحقيق بطلانه لأنه لا يخلو عن بلل وإن قل، ولكن قال في المجموع: عدم البطلان أقوى، فإن المعتمد في الغسل كونه منيا منعقدا وخروجه بلا مباشرة لا يبطل الصوم اه. ومال إلى هذا ابن الرفعة. وقد جمعت بين الكلامين في باب الحيض فراجعه. ويحرم على الحائض والنفساء الامساك كما في الأنوار. (ولا يضر النوم المستغرق) لجميع النهار (على الصحيح) لبقاء أهلية الخطاب، والثاني: يضر كالاغماء. وفرق الأول بأن الاغماء يخرج على أهلية الخطاب بدليل سقوط ولايته على ماله وعدم وجوب قضاء الصلاة عليه، بخلاف النائم فيهما، فإن أفاق لحظة من النهار صح صومه جزما. (والأظهر) وفي الروضة: المذهب، (أن الاغماء لا يضر إذا أفاق لحظة من