مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٠٨
للعذر. وهذا كله على الجديد، أما على القديم المختار عند المصنف فلا قضاء كما سبق. وكان ينبغي أن يقول: على المذهب فإن الأصح القطع بالقضاء. قال الشارح: لكنه استغنى عن ذلك بتعبيره ب‍ المشهور المشعر بضعف الخلاف عن تعبير المحرر كالشرح بأصح الطريقين، أي لأن التعبير به في اصطلاحه يدل على أن مقابله ضعيف، فيغني ذلك في الدلالة على معرفة ما عليه الفتوى وأن فيه خلافا وأنه ضعيف، وإن كان لم يستغن بذلك في إفادة كون الخلاف طريقين، فالاعتذار بما ذكر ضعيف.
خاتمة: لو تيمم عن حدث أكبر ثم أحدث حدثا أصغر انتقض طهره الأصغر لا الأكبر، كما لو أحدث بعد غسله، فيحرم عليه ما يحرم على المحدث ويستمر تيممه عن الحدث الأكبر حتى يجد الماء بلا مانع، فلو وجد خابية ماء مسبل تيمم، ولا يجوز الطهر منها لأنها إنما وضعت للشرب، وكذا لو لم يعلم أنه مسبل للشرب نظرا للغالب ولم يقض صلاته كما لو تيمم بحضرة ماء يحتاج إليه لعطش وصلى به. ولو غسل نحو جنب جميع بدنه إلا رجليه ثم فقد الماء وأحدث حدثا أصغر وتيمم له ثم وجد كافيا لرجليه فقط تعين لهما ولا يبطل تيممه. ولو تيمم أو لا لتمام غسله ثم أحدث وتيمم له ثم وجد كافيهما بطل تيممه الأول. وللرجل جماع أهله وإن علم عدم الماء وقت الصلاة، فيتيمم ويصلي بلا إعادة. ولو منع شخص ترتيب الوضوء وجب عليه عكس الترتيب لتمكنه من بعض الوضوء، فيحصل له غسل الوجه ويتيمم للباقي لعجزه عن الماء، ولا إعادة عليه لأنه في معنى من غصب ماؤه، بخلاف ما لو أكره على الصلاة محدثا فإنه تلزمه الإعادة لأنه لم يأت ثم عن وضوئه ببدل، بخلافه هنا. قال في العباب: ولو رعف في الصلاة ووجد ماء يكفي الدم فقط بطل تيممه اه‍. وفيه نظر، والظاهر عدم البطلان.
باب الحيض:
وما يذكر معه من الاستحاضة والنفاس. وترجم الباب بالحيض لأنه مع أحكامه أغلب، وهو لغة: السيلان، تقول العرب: حاضت الشجرة إذا سال صمغها، وحاض الوادي إذا سال. وشرعا: دم جبلة - أي تقتضيه الطباع السليمة - يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة من غير سبب في أوقات معلومة. قال الجاحظ في كتاب الحيوان:
والذي يحيض من الحيوان أربعة: الآدميات، والأرنب، والضبع، والخفاش. وزاد عليه غيره أربعة أخرى، وهي: الناقة، والكلبة، والوزغة، والحجرة، أي الأنثى من الخيل. وله عشرة أسماء حيض، وطمث بالمثلثة، وضحك، وإكبار، وإعصار، ودراس، وعراك بالعين المهملة، وفراك بالفاء، وطمس بالسين المهملة، ونفاس. والاستحاضة دم علة يسيل من عرق من أدنى الرحم يقال له العاذل بالذال المعجمة، ويقال بمهملة كما حكاه ابن سيده، وفي الصحاح: بمعجمة وراء.
وسواء أخرج أثر حيض أم لا. واختلف في الدم الذي تراه الصغيرة والآيسة، والأصح أنه يقال له استحاضة ودم فساد، وقيل لا تطلق الاستحاضة إلا على دم وقع بعد حيض. والنفاس هو الدم الخارج بعد فراغ الرحم من الحمل، فخرج بما ذكر دم الطلق والخارج مع الولد فليسا بحيض، لأن ذلك من آثار الولادة، ولا نفاس لتقدمه على خروج الولد بل ذلك دم فساد. نعم المتصل بذلك من حيضها المتقدم حيض. والأصل في الحيض آية: * (ويسألونك عن المحيض) * أي الحيض، وخبر الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله (ص) في الحيض: هذا شئ كتبه الله على بنات آدم وفي البخاري عن بعضهم: أن بني إسرائيل أول من وقع الحيض فيهم ثم أبطله بهذا الحديث. وقيل: أول من حاضت أمنا حواء - بالمد - لما كسرت شجرة الحنطة وأدمتها قال الله تعالى: * (وعزتي وجلالي لأدمينك كما أدميت هذه الشجرة) *، وقدم المصنف رحمه الله تعالى على معرفة أحكام الحيض معرفة سنه وقدره وقدر الطهر، وقد شرع في بيان ذلك، فقال: (أقل سنه) كلبن الرضاع، (تسع سنين) قمرية كما في المحرر ولو بالبلاد الباردة للوجود، لأن ما ورد في الشرع ولا ضابط له شرعي ولا لغوي يتبع فيه الوجود كالقبض والحرز. قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: أعجل من
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532