إذا قمت إلى الصلاة وللاجماع. (وأقله) أي الركوع في حق القائم، (أن ينحني) انحناء خالصا لا انخناس فيه، (قدر بلوغ راحتيه) أي راحتي يدي المعتدل خلقة، (ركبتيه) إذا أراد وضعها فلا يحصل بانخناس ولا به مع انحناء، لأنه لا يسمى ركوعا.
أما ركوع القاعد فتقدم. وظاهر تعبيره بالراحة وهي بطن الكف أنه لا يكتفي بالأصابع، وهو كذلك، وإن كان مقتضى كلام التنبيه الاكتفاء بها. فلو طالت يداه أو قصرتا أو قطع شئ منهما لم يعتبر ذلك، فإن عجز عما ذكر إلا بمعين ولو باعتماد على شئ أو انحناء على شقه لزمه، والعاجز ينحني قدر إمكانه، فإن عجز عن الانحناء أصلا أومأ برأسه ثم بطرفه.
ويشترط في صحة الركوع أن يكون (بطمأنينة) لحديث المسئ صلاته المتقدم، وأقلها أن تستقر أعضاؤه راكعا، (بحيث ينفصل رفعه) من ركوعه (عن هويه) بفتح الهاء أفصح من ضمها: أي سقوطه، فلا تقوم زيادة الهوي مقام الطمأنينة. (ولا يقصد به) أي الهوي (غيره) أي الركوع قصده هو أم لا كغيره من بقية الأركان، لأن نية الصلاة منسحبة عليه. (فلو هوى لتلاوة فجعله ركوعا لم يكف) لأنه صرفه إلى غير الواجب، بل ينتصب ليركع. ولو قرأ إمامه آية سجدة ثم ركع عقبها فظن المأموم أنه يسجد للتلاوة فهوى لذلك فرآه لم يسجد فوقف عن السجود، فالأقرب كما قاله الزركشي أنه يحسب له، ويغتفر ذلك للمتابعة، وإن قال بعض المتأخرين: الأقرب عندي أنه يعود إلى القيام ثم يركع. (وأكمله) أي الركوع، (تسوية ظهره وعنقه) أي يمدهما بانحناء خالص بحيث يصيران كالصفيحة الواحدة للاتباع، رواه مسلم. فإن تركه كره، نص عليه في الام.
(ونصب ساقيه) وفخذيه، لأن ذلك أعون له، ولا يثني ركبتيه ليتم له تسوية ظهره. والساق بالهمز وتركه: ما بين القدم والركبة، فلا يفهم منه نصب الفخذ، ولذا قال في الروضة: ونصب ساقيه إلى الحقو، فكان ينبغي للمصنف أن يزيد ذلك أو ما قدرته.
والساق مؤنثة وتجمع على أسوق وسيقان وسوق. (وأخذ ركبتيه بيديه) أي بكفيه للاتباع، رواه الشيخان. (وتفرقة أصابعه) تفريقا وسطا للاتباع من غير ذكر الوسط، رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي. (للقبلة) أي لجهتها لأنها أشرف الجهات. قال ابن النقيب: ولم أفهم معناه. قال الولي العراقي: احترز بذلك عن أن يوجه أصابعه إلى غير جهة القبلة من يمنة أو يسرة.
والاقطع ونحوه كقصير اليدين لا يوصل يديه ركبتيه حفظا لهيئة الركوع، بل يرسلهما إن لم يسلما معا أو يرسل إحداهما إن سلمت الأخرى. (ويكبر في ابتداء هويه) للركوع (ويرفع يديه كإحرامه) وقد تقدم لثبوت ذلك في الصحيحين عن فعله (ص).
وقال البخاري في تصنيف له في الرد على منكري الرفع: رواه سبعة عشر من الصحابة، ولم يثبت عن أحد منهم عدم الرفع، وقضية كلامه أن الرفع هنا كالرفع للاحرام، وأن الهوي مقارن للرفع. والأول ظاهر والثاني ممنوع، فقد قال في المجموع: قال أصحابنا: ويبتدئ التكبير قائما ويرفع يديه ويكون ابتداء رفعه وهو قائم مع ابتداء التكبير، فإذا حاذى كفاه منكبيه انحنى. وفي البيان وغيره نحوه، قال في المهمات: وهذا هو الصواب. قال في الإقليد: لأن الرفع حال الانحناء متعذر أو متعسر. والجديد أنه يمد التكبير إلى آخر الركوع لئلا يخلو فعل من أفعال الصلاة بلا ذكر، وكذا في سائر انتقالات الصلاة لما ذكر. ولا نظر إلى طول المد بخلاف تكبيرة الاحرام يندب الاسراع بها لئلا تزول النية كما مر. (ويقول سبحان ربي العظيم) للاتباع، رواه مسلم. وعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت * (فسبح باسم ربك العظيم) * قال رسول الله (ص): اجعلوها في ركوعكم، قال: ولما نزلت * (سبح اسم ربك الاعلى) * قال: اجعلوها في سجودكم رواه أبو داود وابن حبان والحاكم، وصححه الأخيران. والحكمة في تخصيص الاعلى بالسجود، أن الاعلى أفعل تفضيل بخلاف العظيم، فإنه يدل على رجحان معناه على غيره، والسجود في غاية التواضع فجعل الأبلغ مع الأبلغ والمطلق مع المطلق. وزاد على ذلك في التحقيق وغيره: وبحمده (ثلاثا) للاتباع رواه أبو داود. وقد يفهم من ذلك