أن السنة لا تتأدى بمرة، ولكن في الروضة عن الأصحاب: أن أقل ما يحصل به الذكر في الركوع تسبيحة واحدة اه.
وذلك يدل على أن أصل السنة يحصل بواحدة، وعبارة التحقيق: أقله سبحانه الله أو سبحان ربي، وأدنى الكمال سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا، ثم للكمال درجات فبعد الثلاث خمس ثم سبع ثم تسع ثم إحدى عشرة وهو الأكمل كما في التحقيق وغيره، واختار السبكي أنه لا يتقيد بعدد بل يزيد في ذلك ما شاء. والتسبيح لغة التنزيه والتبعيد، تقول:
سبحت في الأرض إذا أبعدت، ومعنى وبحمده: أسبحه حامدا له أو وبحمده سبحته. (ولا يزيد الإمام) على التسبيحات الثلاث، أي يكره له ذلك تخفيفا على المأمومين. (ويزيد المنفرد) وإمام قوم محصورين راضين بالتطويل: (اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي) رواه مسلم، زاد ابن حبان في صحيحه:
(وما استقلت به قدمي) بكسر الميم وسكون الياء، وهي مؤنثة، قال تعالى: * (فتزل قدم بعد ثبوتها) * فيجوز في استقلت إثبات التاء وحذفها على أنه مفرد، ولا يصح هنا التشديد على أنه مثنى لفقدان ألف الرفع. ولفظة مخي مزيدة على المحرر وهي في الشرح والروضة، وفيهما وفي المحرر: وشعري وبشري بعد عصبي، وفي آخره: لله رب العالمين. قال في الروضة:
وهذا مع الثلاث أفضل من مجرد أكمل التسبيح. قال في المجموع: وتكره القراءة في الركوع وغيره من بقية الأركان غير القيام اه. والحكمة في وجوب القراءة في القيام والتشهد في الجلوس وعدم وجوب التسبيح في الركوع والسجود أنه في القيام والقعود ملتبس بالعادة فوجب فيهما ليتميزا عنها بخلاف الركوع والسجود. ويستحب الدعاء في الركوع، لأنه (ص) كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي رواه الشيخان. (السادس) من الأركان: (الاعتدال) لو في النافلة كما صححه في التحقيق لحديث المسئ صلاته. وأما ما حكاه في زيادة الروضة عن المتولي من أنه لو تركه في الركوع والسجود في النافلة ففي صحتها وجهان بناء على صلاتها مضطجعا مع القدرة على القيام لا يلزم من البناء الاتحاد في الترجيح. (قائما) إن كان قبل ركوعه، كذلك إن قدر وإلا فيعود لما كان عليه أو يفعل مقدوره إن عجز. (مطمئنا) لما في خبر المسئ صلاته، بأن تستقر أعضاؤه على ما كان قبل ركوعه بحيث ينفصل ارتفاعه عن عوده إلى ما كان. قال في الروضة: واعلم أنه تجب الطمأنينة في الاعتدال كالركوع. وقال إمام الحرمين: في قلبي من الطمأنينة في الاعتدال شئ، وفي كلام غيره ما يقتضي ترددا فيها، والمعروف الصواب وجوبها اه.
ولو ركع عن قيام فسقط عن ركوعه قبل الطمأنينة فيه عاد وجوبا إليه واطمأن ثم اعتدل، أو سقط عنه بعدها نهض معتدلا ثم سجد، وإن سجد ثم شك هل تم اعتداله اعتدل وجوبا ثم سجد. (ولا يقصد غيره، فلو رفع فزعا) بفتح الزاي على أنه مصدر مفعول لأجله: أي خوفا، أو بكسرها على أنه اسم فاعل منصوب على الحال: أي خائفا. (من شئ) كحية (لم يكف) رفعه لذلك عن رفع الصلاة، لأنه صارف كما تقدم. (ويسن رفع يديه) كما سبق في تكبيرة الاحرام، (مع ابتداء رفع رأسه) من الركوع بأن يكون ابتداء رفعهما مع ابتداء رفعه. (قائلا) في رفعه إلى الاعتدال: (سمع الله لمن حمده) أي: تقبل منه حمده وجازاه عليه، وقيل: غفر له للاتباع، رواه الشيخان مع خبر: صلوا كما رأيتموني أصلي. ولو قال: من حمد الله سمع له كفى في تأدية أصل السنة، لأنه أتى باللفظ والمعنى، بخلاف أكبر الله، لكن الترتيب أفضل، وسواء في ذلك الإمام وغيره. وأما خبر: إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد فمعناه: قولوا ذلك مع ما علمتوه من سمع الله لمن حمده، لعلمهم بقوله: صلوا كما رأيتموني أصلي مع قاعدة التأسي به مطلقا. وإنما خص ربنا لك الحمد بالذكر لأنهم كانوا لا يسمعونه غالبا ويسمعون: سمع الله لمن حمده. ويسن الجهر بها للإمام والمبلغ ان احتيج إليه، لأنه ذكر انتقال، ولا يجهر بقوله: ربنا لك الحمد، لأنه ذكر الرفع فلم يجهر به كالتسبيح وغيره.