وقد عمت البلوى بالجهر به وترك الجهر بالتسميع، لأن أكثر الأئمة والمؤذنين صاروا جهلة بسنة سيد المرسلين.
(فإذا انتصب) أرسل يديه، و (قال) كل من الإمام والمنفرد والمأموم سرا: (ربنا لك الحمد) أو: ربنا ولك الحمد أو: اللهم ربنا لك الحمد أو: ولك الحمد، أو: ولك الحمد ربنا، أو: الحمد لربنا. والأول أولى لورود السنة به، لكن قال في الام: الثاني أحب إلي، أي لأنه جمع معنيين الدعاء والاعتراف، أي ربنا استجب لنا ولك الحمد على هدايتك إيانا. وزاد في التحقيق بعده: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ولم يذكره الجمهور، وهو في البخاري من رواية رفاعة ابن رافع، وفيه أنه ابتدر ذلك بضعة وثلاثون ملكا يكتبونه وذلك لأن عدد حروفها كذلك. وأغرب المصنف في المجموع فقال: لا يزيد الإمام على ربنا لك الحمد إلا برضا المأمومين وهو مخالف لما في الروضة والتحقيق. (ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد) أي بعدهما كالعرش والكرسي وغيرهما مما لا يعلمه إلا هو، قال الله تعالى: * (وسع كرسيه السماوات والأرض) *. ويجوز في ملء الرفع على الصفة والنصب على الحال، أي مالئا لو كان جسما. (ويزيد المنفرد) وإمام قوم محصورين راضين بالتطويل سرا: (أهل) منصوب على النداء: أي يا أهل (الثناء) أي المدح، (والمجد) أي العظمة، وقال الجوهري: الكرم. وقوله: (أحق ما قال العبد) مبتدأ. وقوله: (وكلنا لك عبد) اعتراض. وقوله: (لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد) بفتح الجيم: أي الغني، (منك) أي عندك، (الجد) وروي بالكسر، وهو الاجتهاد خبر المبتدأ، والمعنى: ولا ينفع ذا الحظ في الدنيا حظه في العقبى إنما ينفعه طاعتك. قال ابن الصلاح: ويحتمل كون أحق خبرا لما قبله وهو ربنا لك الحمد، أي هذا الكلام أحق. والأصل في ذلك الاتباع رواه الشيخان إلى لك الحمد، ومسلم إلى آخره. قال المصنف:
وإثبات ألف أحق وواو وكلنا هو المشهور، ويقع في كتب الفقهاء حذفهما، والصواب إثباتهما كما رواه مسلم وسائر المحدثين.
واعترض عليه بأن النسائي روى حذفهما. (ويسن القنوت في اعتدال ثانية الصبح) بعد ذكر الاعتدال، كما ذكره البغوي وغيره وصوبه الأسنوي، وقال الماوردي: محل القنوت إذا فرغ من قوله سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد فحينئذ يقنت، وعليه اقتصر ابن الرفعة. وقال في الإقليد: إنه قضية القياس لأن القنوت إذا انضم إلى الذكر المشروع في الاعتدال طال الاعتدال، وهو ركن قصير بلا خلاف، وعمل الأئمة بخلافه لجهلهم بفقه الصلاة، فإن الجمع إن لم يكن مبطلا فلا شك أنه مكروه اه. ويمكن حمل كلام الماوردي ومن ذكر معه على الإمام إذا أم قوما غير محصورين راضين بالتطويل، وكلام الأولين على خلافه. (وهو اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره) كذا في المحرر وتتمته كما في الشرح: وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت إنك تقتضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت تبارك ربنا وتعاليت للاتباع، رواه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من صلاة الصبح في الركعة الثانية رفع يديه فيدعو بهذا الدعاء: اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخر ما تقدم، لكن لم يذكر ربنا، وقال: صحيح. ورواه البيهقي في الصبح وفي قنوت الوتر. قال الرافعي: وزاد العلماء فيه، أي القنوت قبل تباركت وتعاليت: ولا يعز من عاديت، وبعده: فلك الحمد على ما قضيت أستغفرك وأتوب إليك.
قال في الروضة: قال أصحابنا لا بأس بهذه الزيادة، وقال أبو حامد والبندنيجي وآخرون: وهي مستحبة. وعبر عنها في تحقيقه بقوله: وقيل. (و) يسن أن يقنت (الإمام بلفظ الجمع) لأن البيهقي رواه في إحدى روايتيه بلفظ الجمع فحمل على الإمام فيقول اهدنا وهكذا. وعلله المصنف في أذكاره بأنه يكره للإمام تخصيص نفسه بالدعاء لخبر: لا يؤم عبد قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم رواه الترمذي وحسنه وقضية هذا طرده في سائر أدعية الصلاة، وبه صرح