مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٦٢
يقرأ في الظهر بالاوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية أحيانا ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية وكذا في العصر وهكذا في الصبح اه‍. وإنما لم تجب السورة لحديث: أم القرآن عوض من غيرها، وليس غيرها عوض منها رواه الحاكم، وقال: إنه على شرطهما. وخرج بقوله: بعد الفاتحة ما لو قرأها قبلها أو كرر الفاتحة، فإنه لا يجزئه لأنه خلاف ما ورد في السنة، ولان الشئ الواحد لا يؤدى به فرض ونفل في محل واحد.
نعم لو لم يحسن غير الفاتحة وأعادها يتجه كما قال الأذرعي الاجزاء، ويحمل كلامهم على الغالب. ويحصل أصل السنة بقراءة شئ من القرآن ولو آية، والأولى ثلاث آيات لتكون قدر أقصر سورة، والسورة الكاملة أفضل من قدرها من طويلة لأن الابتداء بها والوقف على آخرها صحيحان بالقطع بخلافهما في بعض السورة فإنهما يخفيان. ومحله في غير التراويح، أما فيها فقراءة بعض الطويلة أفضل كما أفتى به ابن عبد السلام وغيره. وعللوه بأن السنة فيها القيام بجميع القرآن، وعليه فلا يختص ذلك بالتراويح، بل كل محل ورد فيه الامر بالبعض فالاقتصار عليه أفضل كقراءة آيتي البقرة وآل عمران في ركعتي الفجر. (قلت: فإن سبق بهما) أي بالثالثة والرابعة من صلاة نفسه لأن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، (قرأها فيهما) حين تداركهما (على النص، والله أعلم) لئلا تخلو صلاته من سورتين. وقيل: لا، كما لا يجهر فيهما على المشهور. وفرق الأول بأن السنة في آخر الصلاة الاسرار بخلاف القراءة فإنه لا يقال إنه لا يسن تركها، بل لا يسن فعلها، وأيضا القراءة سنة مستقلة، والجهر صفة للقراءة فكانت أحق. وإنما قدرت الثالثة والرابعة لا الأولتين وإن كان صحيحا أيضا لاتحاد الضميرين.
ثم محل ما تقرر على الأول كما أفهمه التعليل إذا لم يقرأ السورة في أولييه، فإن قرأها فيهما لسرعة قراءته وبطء قراءة إمامه أو لكون الإمام قرأها فيهما لم يسن له قراءتها في الأخيرتين، ولو سقطت قراءتها عنه لكونه مسبوقا أو بطئ القراءة فلا يقرؤها في الأخيرتين، ويستثنى من ذلك فاقد الطهورين إذا كان عليه حدث أكبر فلا يجوز له قراءة السورة كما تقدم في التيمم. (ولا سورة للمأموم) في جهرية (بل يستمع) لقراءة إمامه، لقوله تعالى: * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له) * الآية، وقوله (ص): إذا كنتم خلفي فلا تقرأوا إلا بأم القرآن حسن صحيح. والاستماع مستحب، وقيل واجب، وجزم به الفارقي في فوائد المهذب. (فإن) لم يسمع قراءته كأن (بعد) المأموم عنه أو كان به صمم أو سمع صوتا لا يفهمه كما قاله المصنف في أذكاره، (أو كانت) الصلاة (سرية) ولم يجهر الإمام فيها أو جهرية وأسر فيها، (قرأ) المأموم السورة (في الأصح) إذ لا معنى لسكوته. أما إذا جهر الإمام في السرية فإن المأموم يستمع لقراءته كما صرح به في المجموع اعتبارا بفعل الإمام، وصحح الرافعي في الشرح الصغير اعتبار المشروع في الفاتحة، فعلى هذا يقرأ المأموم في السرية مطلقا ولا يقرأ في الجهرية مطلقا، ومقابل الأصح لا يقرأ مطلقا لاطلاق النهي.
فروع: يستحب للإمام والمنفرد الجهر في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء، وللإمام في الجمعة للاتباع والاجماع في الإمام وللقياس عليه في المنفرد، ويسر كل منهما فيما عدا ذلك، هذا في المؤداة، وأما المقضية فيجهر فيها من مغيب الشمس إلى طلوعها، ويسر من طلوعها إلى غروبها، ويستثنى كما قال الأسنوي صلاة العيد فإنه يجهر في قضائها كما يجهر في أدائها. هذا كله في حق الذكر، أما الأنثى والخنثى فيجهران حيث لا يسمع أجنبي، ويكون جهرهما دون جهر الذكر، فإن كان يسمعهما أجنبي أسرا، فإن جهرا لم تبطل صلاتهما. ووقع في المجموع والتحقيق أن الخنثى يسر بحضرة الرجال والنساء. قال في المهمات: وهو مردود، أي لأنه بحضرة النساء إما ذكر أو أنثى، وفي الحالين يسن له الجهر.
ويمكن حمل كلامهما على أنه يسر إذا اجتمع الرجال والنساء، وهو صحيح. وأما النوافل غير المطلقة فيجهر في صلاة العيدين وخسوف القمر والاستسقاء والتراويح والوتر في رمضان وركعتي الطواف إذا صلاهما ليلا، وسيأتي الكلام عليها في أبوابها إن شاء الله تعالى، ويسر فيما عدا ذلك. وأما النوافل المطلقة فيسر فيها نهارا ويتوسط فيها ليلا بين الاسرار والجهر إن لم يشوش على نائم أو مصل أو نحوه، وإلا فالسنة الاسرار، فقد نقل في المجموع عن العلماء: أن محل فضيلة
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532