مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٦٧
القاضي حسين والغزالي في الاحياء في كلامه على التشهد، ونقل ابن المنذر في الاشراف عن الشافعي أنه قال: لا أحب للإمام تخصيص نفسه بالدعاء دون القوم، والجمهور لم يذكروه إلا في القنوت. قال ابن المنذر: وقد ثبت أنه (ص) كان إذا كبر في الصلاة يقول قبل القراءة: اللهم نقني اللهم اغسلني الدعاء المعروف، وبهذا أقول اه‍. وذكر ابن القيم أن أدعية النبي (ص) كلها بلفظ الافراد، ولم يذكر الجمهور التفرقة بين الإمام وغيره إلا في القنوت، وكأن الفرق بين القنوت وغيره أن الكل مأمورون بالدعاء بخلاف القنوت فإن المأموم يؤمن فقط اه‍. وهذا هو الظاهر كما أفتى به شيخي، وظاهر كلام المصنف كأصله تعين هذه الكلمات القنوت، وهو وجه اختاره الغزالي. والذي رجحه الجمهور أنها لا تتعين، وعلى هذا لو قنت بما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه في الوتر وهو: اللهم إنا نستعينك إلخ كان حسنا. ويسن الجمع بينهما للمنفرد ولإمام قوم محصورين راضين بالتطويل، وأيهما يقدم؟ سيأتي في صلاة النفل إن شاء الله تعالى. ولو قرأ آية من القرآن ونوى بها القنوت، فإن تضمنت دعاء أو شبهه كآخر البقرة أجزأته عن القنوت، وإن لم تتضمنه كتبت يدا وآية الدين أو فيها معناه ولم يقصد بها القنوت لم تجزه، لما مر أن القراءة في الصلاة في غير القيام مكروهة. قال في المجموع عن البغوي: ويكره إطالة القنوت، أي بغير المشروع كالتشهد الأول. وظاهره عدم البطلان وهو كذلك لأن البغوي القائل بكراهة التطويل قائل بأن تطويل الركن القصير يبطل عمده. وقال القاضي حسين: ولو طول القنوت زائدا على العادة كره، وفي البطلان احتمالان. وكان الشيخ أبو حامد يقول في قنوت الصبح: اللهم لا تعقنا عن العلم بعائق ولا تمنعنا عنه بمانع. (والصحيح سن الصلاة على رسول الله (ص) في آخره) للأخبار الصحيحة في ذلك، والثاني: لا تسن بل لا تجوز حتى تبطل الصلاة بفعلها على وجه، لأنه نقل ركنا قوليا إلى غير موضعه. وجزم في الأذكار على القول الأول بسن السلام. ويسن الصلاة على الآل، وأنكره ابن الفركاح، وقال: هذا لا أصل له. واستدل الأسنوي لسن السلام بالآية، والزركشي لسن الآل بخبر:
كيف نصلي عليك؟. وخرج بقوله: في آخره أنها لا تسن فيما عداه، وهو كذلك، وإن قال في العدة لا بأس بها أوله وآخره لاثر ورد فيه. وما قاله العجلي في شرحه من أنه لو قرأ آية فيها اسم محمد (ص) استحب أن يصلي عليه أفتى المصنف بخلافه.
(و) سن (رفع يديه) فيه وفي سائر الأدعية للاتباع رواه فيه البيهقي بإسناد جيد، وفي سائر الأدعية الشيخان وغيرهما، والثاني:
لا يرفع في القنوت لأنه دعاء في صلاة فلا يسن فيه الرفع قياسا على دعاء الافتتاح والتشهد. وفرق الأول بأنه ليديه فيه وظيفة ولا وظيفة لهما هنا، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الاستسقاء أنه يسن في الدعاء أن يجعل ظهر كفيه إلى السماء إن دعا لرفع بلاء، وعكسه إن دعا لتحصيل شئ، فهل يقلب كفيه عند قوله في القنوت وقني شر ما قضيت أو لا؟ أفتى شيخي بأنه لا يسن أي لأن الحركة في الصلاة ليست مطلوبة. (و) الصحيح أنه (لا يمسح) بهما (وجهه) أي لا يسن له ذلك لعدم وروده كما قاله البيهقي، والثاني: يسن لخبر: فامسحوا بهما وجوهكم ورد بأن طرقه واهية، وظاهر كلام المصنف عدم جريان الخلاف لولا التقدير المذكور. وعبارة المحرر ظاهرة في الخلاف فيه، فلو قال لا مسح وجهه لكان أخصر وأفاد الخلاف من غير تقدير. وأما مسح غير الوجه كالصدر فلا يسن مسحه قطعا بل نص جماعة على كراهته. وأما مسح الوجه عقب الدعاء خارج الصلاة، فقال ابن عبد السلام بعد نهيه عنه: لا يفعله إلا جاهل اه‍. وقد ورد في المسح بهما أخبار بعضها غريب وبعضها ضعيف، ومع هذا جزم في التحقيق باستحبابه. (و) الصحيح (أن الإمام يجهر به) للاتباع رواه البخاري وغيره، قال الماوردي: وليكن جهره به دون جهره بالقراءة. والثاني: لا، كسائر الأدعية المشروعة في الصلاة. أما المنفرد فيسر قطعا. (و) الصحيح (أنه يؤمن المأموم للدعاء). للاتباع رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح، ويجهر به كما في تأمين القراءة.
(ويقول الثناء) سرا وهو: فإنك تقضي... إلى آخره لأنه ثناء وذكر فكانت الموافقة فيه أليق. وفي الروضة وأصلها أنه يقول الثناء أو يسكت، وقال المتولي: أو يقول أشهد، وقال الغزالي: أو صدقت وبررت. ولا يشكل على هذا ما تقدم في الاذان من أن المصلي إذا أجاب به المؤذن تبطل صلاته، لأنه لا ارتباط بين المصلي والمؤذن بخلاف الإمام والمأموم. هذا والأوجه
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532