القاضي حسين والغزالي في الاحياء في كلامه على التشهد، ونقل ابن المنذر في الاشراف عن الشافعي أنه قال: لا أحب للإمام تخصيص نفسه بالدعاء دون القوم، والجمهور لم يذكروه إلا في القنوت. قال ابن المنذر: وقد ثبت أنه (ص) كان إذا كبر في الصلاة يقول قبل القراءة: اللهم نقني اللهم اغسلني الدعاء المعروف، وبهذا أقول اه. وذكر ابن القيم أن أدعية النبي (ص) كلها بلفظ الافراد، ولم يذكر الجمهور التفرقة بين الإمام وغيره إلا في القنوت، وكأن الفرق بين القنوت وغيره أن الكل مأمورون بالدعاء بخلاف القنوت فإن المأموم يؤمن فقط اه. وهذا هو الظاهر كما أفتى به شيخي، وظاهر كلام المصنف كأصله تعين هذه الكلمات القنوت، وهو وجه اختاره الغزالي. والذي رجحه الجمهور أنها لا تتعين، وعلى هذا لو قنت بما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه في الوتر وهو: اللهم إنا نستعينك إلخ كان حسنا. ويسن الجمع بينهما للمنفرد ولإمام قوم محصورين راضين بالتطويل، وأيهما يقدم؟ سيأتي في صلاة النفل إن شاء الله تعالى. ولو قرأ آية من القرآن ونوى بها القنوت، فإن تضمنت دعاء أو شبهه كآخر البقرة أجزأته عن القنوت، وإن لم تتضمنه كتبت يدا وآية الدين أو فيها معناه ولم يقصد بها القنوت لم تجزه، لما مر أن القراءة في الصلاة في غير القيام مكروهة. قال في المجموع عن البغوي: ويكره إطالة القنوت، أي بغير المشروع كالتشهد الأول. وظاهره عدم البطلان وهو كذلك لأن البغوي القائل بكراهة التطويل قائل بأن تطويل الركن القصير يبطل عمده. وقال القاضي حسين: ولو طول القنوت زائدا على العادة كره، وفي البطلان احتمالان. وكان الشيخ أبو حامد يقول في قنوت الصبح: اللهم لا تعقنا عن العلم بعائق ولا تمنعنا عنه بمانع. (والصحيح سن الصلاة على رسول الله (ص) في آخره) للأخبار الصحيحة في ذلك، والثاني: لا تسن بل لا تجوز حتى تبطل الصلاة بفعلها على وجه، لأنه نقل ركنا قوليا إلى غير موضعه. وجزم في الأذكار على القول الأول بسن السلام. ويسن الصلاة على الآل، وأنكره ابن الفركاح، وقال: هذا لا أصل له. واستدل الأسنوي لسن السلام بالآية، والزركشي لسن الآل بخبر:
كيف نصلي عليك؟. وخرج بقوله: في آخره أنها لا تسن فيما عداه، وهو كذلك، وإن قال في العدة لا بأس بها أوله وآخره لاثر ورد فيه. وما قاله العجلي في شرحه من أنه لو قرأ آية فيها اسم محمد (ص) استحب أن يصلي عليه أفتى المصنف بخلافه.
(و) سن (رفع يديه) فيه وفي سائر الأدعية للاتباع رواه فيه البيهقي بإسناد جيد، وفي سائر الأدعية الشيخان وغيرهما، والثاني:
لا يرفع في القنوت لأنه دعاء في صلاة فلا يسن فيه الرفع قياسا على دعاء الافتتاح والتشهد. وفرق الأول بأنه ليديه فيه وظيفة ولا وظيفة لهما هنا، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الاستسقاء أنه يسن في الدعاء أن يجعل ظهر كفيه إلى السماء إن دعا لرفع بلاء، وعكسه إن دعا لتحصيل شئ، فهل يقلب كفيه عند قوله في القنوت وقني شر ما قضيت أو لا؟ أفتى شيخي بأنه لا يسن أي لأن الحركة في الصلاة ليست مطلوبة. (و) الصحيح أنه (لا يمسح) بهما (وجهه) أي لا يسن له ذلك لعدم وروده كما قاله البيهقي، والثاني: يسن لخبر: فامسحوا بهما وجوهكم ورد بأن طرقه واهية، وظاهر كلام المصنف عدم جريان الخلاف لولا التقدير المذكور. وعبارة المحرر ظاهرة في الخلاف فيه، فلو قال لا مسح وجهه لكان أخصر وأفاد الخلاف من غير تقدير. وأما مسح غير الوجه كالصدر فلا يسن مسحه قطعا بل نص جماعة على كراهته. وأما مسح الوجه عقب الدعاء خارج الصلاة، فقال ابن عبد السلام بعد نهيه عنه: لا يفعله إلا جاهل اه. وقد ورد في المسح بهما أخبار بعضها غريب وبعضها ضعيف، ومع هذا جزم في التحقيق باستحبابه. (و) الصحيح (أن الإمام يجهر به) للاتباع رواه البخاري وغيره، قال الماوردي: وليكن جهره به دون جهره بالقراءة. والثاني: لا، كسائر الأدعية المشروعة في الصلاة. أما المنفرد فيسر قطعا. (و) الصحيح (أنه يؤمن المأموم للدعاء). للاتباع رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح، ويجهر به كما في تأمين القراءة.
(ويقول الثناء) سرا وهو: فإنك تقضي... إلى آخره لأنه ثناء وذكر فكانت الموافقة فيه أليق. وفي الروضة وأصلها أنه يقول الثناء أو يسكت، وقال المتولي: أو يقول أشهد، وقال الغزالي: أو صدقت وبررت. ولا يشكل على هذا ما تقدم في الاذان من أن المصلي إذا أجاب به المؤذن تبطل صلاته، لأنه لا ارتباط بين المصلي والمؤذن بخلاف الإمام والمأموم. هذا والأوجه