وتعريف السلام أفضل كما قال المصنف من تنكيره لكثرته في الاخبار، وكلام الشافعي، ولزيادته وموافقته التحلل، وصحح الرافعي أنهما سواء. وقيل: تنكيره أفضل ولا يسن في أول التشهد بسم الله وبالله على الأصح، والحديث فيه ضعيف. والتحيات جمع تحية: وهي ما يحيا بها من سلام وغيره. وقيل: الملك، وقيل: العظمة، وقيل: السلامة من الآفات وجميع وجوه النقص، والقصد بذلك الثناء على الله تعالى بأنه مالك لجميع التحيات من الخلق، وإنما جمعت لأن كل واحد من الملوك كان له تحية معروفة يحيا بها. ومعنى المباركات الناميات. والصلوات الصلوات الخمس، وقيل: كل الصلوات والطيبات الأعمال الصالحة، وقيل: الثناء على الله تعالى، وقيل: ما طاب من الكلام. والسلام قيل: معناه اسم السلام، أي اسم الله عليك. وقيل: معناه سلم الله عليك، ومن سلم الله عليه سلم. وعلينا: أي الحاضرين من إمام ومأموم وملائكة وغيرهم. والعباد جمع عبد. والصالحين جمع صالح وهو القائم بما عليه من حقوق الله تعالى وحقوق عباده. والرسول هو الذي يبلغ خبر من أرسله.
تنبيه: قضية كلام المصنف عدم اشتراط ترتيب التشهد لأنه ذكره بغير حرف عطف وهو الأصح، لكن محله ما لم يغير ترك الترتيب المعنى، فإن غيره لم يصح قطعا، وتبطل صلاته إن تعمد كما في المجموع. وقضيته أيضا عدم اشتراط الموالاة، ولكن الراجح وجوبها كما في التتمة، وقال ابن الرفعة: إنه قياس ما مر في قراءة الفاتحة. (وقيل: يحذف وبركاته) للغني عنه برحمة الله. وقيل: يحذف (والصالحين) للغنى عنه بإضافة العباد إلى الله تعالى، لانصرافه إلى الصالحين كما في قوله تعالى: * (عينا يشرب بها عباد الله) * واعترض البلقيني على المصنف بأن ما صححه هنا في أقل التشهد من لفظة وبركاته مخالف لقوله: إنه لو تشهد بتشهد ابن مسعود أو غيره جاز فإنه ليس في تشهد عمر وبركاته. وأجيب عنه بأن المراد به أنه لو تشهد بتشهد عمر بكماله أجزأه، فأما كونه يحذف بعض تشهد عمر اعتمادا على أنه ليس في تشهد غيره ويحذف وبركاته لأنها ليست في تشهد عمر فقد لا يكفي لأنه لم يأت بالتشهد على واحدة من الكيفيات المروية. (و) قيل: ( يقول: وأن محمدا رسوله) بدل وأشهد إلخ، لأنه يؤدي معناه. (قلت: الأصح) يقول: (وأن محمدا رسول الله وثبت في صحيح مسلم، والله أعلم) قال الشارح: لكن بلفظ وأن محمدا عبده ورسوله، فالمراد إسقاط أشهد، أشار بذلك إلى دفع اعتراض الأسنوي، وهو أن الثابت في ذلك ثلاث كيفيات: إحداها: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رواه الشيخان من حديث ابن مسعود. الثانية: وأشهد أن محمدا رسول الله، رواه مسلم. الثالثة: وأن محمدا عبده ورسوله بإسقاط وأشهد، رواه مسلم أيضا من رواية أبي موسى، فليس ما قاله واحدا من الثلاثة، لأن الاسقاط إنما ورد مع زيادة العبد اه. وأجاب عنه الغزي أيضا بأن قصد المصنف الرد على الرافعي في تضعيفه إسقاط لفظة أشهد الثانية، فقال: هي ثابتة في صحيح مسلم، فهذا القدر هو مقصود المصنف والباقي لم يقع عن قصد اه. وبالجملة فالاعتراض قوي. وقال الأذرعي: الصواب إجزاء وأن محمدا رسوله لثبوته في تشهد ابن مسعود بلفظ عبده ورسوله، وقد حكوا الاجماع على جواز التشهد بالروايات كلها ولا أعلم أحدا اشترط لفظة عبده اه.
وهذا هو المعتمد كما اعتمده شيخي لما ذكر. (وأقل الصلاة على النبي (ص) وآله) حيث أوجبنا الصلاة على الآل في التشهد الأخير أو سنناها في الأول على المرجوح فيهما أو سنناها على الراجح في الأخير: (اللهم صل على محمد وآله) لحصول اسم الصلاة المأمور بها في قوله تعالى: * (صلوا عليه وسلموا تسليما) *. فإن قيل: لم يأت بما في الآية لأن فيها اسم السلام ولم يأت به؟ أجيب بأنه حصل بقوله: السلام عليك إلخ، وأكمل من هذا أن يقول: وعلى آل محمد، ولا يتعين هذا اللفظ وإن كان ظاهر كلام المصنف تعين تسمية محمد، وصرح به القاضي حسين، فلو قال: صلى الله على محمد أو على رسوله أو على النبي كفى دون عليه، وكذا على أحمد كما صححه في التحقيق والأذكار. (والزيادة) على ذلك (إلى) قوله: (حميد