للعذر فهذا أولى، وكذا لو سجد على شعر نبت على جبهته لأن ما نبت عليها مثل بشرته، ذكره البغوي في فتاويه ولم يطلع عليه الأسنوي فقال: يحتمل الاجزاء مطلقا بدليل أنه لا يلزم المتيمم نزعه، وهو متجه، ثم قال: وأوجه منه أنه إن استوعبت الجبهة كفى وإلا وجب أن يسجد على الخالي منه لقدرته على الأصل. (ولا يجب وضع يديه وركبتيه وقدميه) في سجوده (في الأظهر) لقوله تعالى: * (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) *. وللخبر المتقدم: إذا سجدت فمكن جبهتك فإفرادها بالذكر دليل على مخالفتها لغيرها، ولأنه لو وجب وضعها لوجب الايماء بها عند العجز عن وضعها، والايماء بها لا يجب فلا يجب وضعها، ولان المقصود منه وضع أشرف الأعضاء على مواطئ الاقدام وهو خصيص بالجبهة.
ويتصور رفع جميعها كأن يصلي على حجرين بينهما حائط قصير ينبطح عليه عند سجوده ويرفعها. (قلت: الأظهر وجوبه والله أعلم) لخبر الصحيحين: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة، وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين. وإنما لم يجب الايماء بها عند العجز وتقريبها من الأرض كالجبهة، لأن معظم السجود وغاية الخضوع بالجبهة دونها، ويكفي وضع جزء من كل واحد من هذه الأعضاء كالجبهة. والعبرة في اليدين ببطن الكف سواء الأصابع والراحة، قاله في المجموع، وفي الرجلين ببطن الأصابع فلا يجزئ الظهر منها ولا الحرف، ولا يجب كشفها، بل يكره كشف الركبتين لأنه يفضي إلى كشف العورة، وقيل: يجب كشف باطن الكفين أخذا بظاهر خبر خباب السابق، وأجيب عنه بأن قوله فيه فلم يشكنا في مجموع الجبهة والكفين، وأيد بما رواه ابن ماجة: أنه (ص) صلى في مسجد بني الأشهل وعليه كساء ملفع به يضع يديه عليه يقيه الحصى. ويسن كشفهما خروجا من الخلاف وكشف قدميه حيث لا خف، ويحصل توجيه أصابعهما للقبلة بأن يكون معتمدا على بطونهما. ثم محل وجوب وضع هذه الأعضاء إذا لم يتعذر وضع شئ منها وإلا فيسقط الفرض، فلو قطعت يده من الزند لم يجب وضعه، ولا وضع رجل قطعت أصابعها لفوت محل الفرض.
فرع: لو خلق له رأسان وأربع أيد وأربع أرجل هل يجب عليه وضع بعض كل من الجبهتين وما بعدهما مطلقا أو يفصل بين أن يكون البعض زائدا أو لا؟ لم أر من تعرض لذلك، ولكن أفتاني شيخي فيها بأنه إن عرف الزائد فلا اعتبار به وإلا اكتفى في الخروج عن عهدة الوجوب بسبعة أعضاء منها، أي إحدى الجبهتين ويدين وركبتين وأصابع رجلين إذا كانت كلها أصلية للحديث، فإن اشتبه الأصلي بالزائد وجب وضع جزء من كل منها. (ويجب أن يطمئن) لحديث المسئ صلاته، (وينال مسجده) وهو بفتح الجيم وكسرها محل سجوده، (ثقل رأسه) للخبر السابق، وإذا سجدت فمكن جبهتك ومعنى الثقل: أن يتحامل بحيث لو فرض تحته قطن أو حشيش لا تكبس وظهر أثره في يده لو فرضت تحت ذلك. واكتفى الإمام بإرخاء رأسه، قال: بل هو أقرب إلى هيئة التواضع من تكلف التحامل، وينال معناه يصيب ويحصل، ومسجده هنا منصوب، وثقل فاعل. ولا يعتبر هذا في بقية الأعضاء كما يؤخذ من عبارة الروضة وأفتى به شيخي مخالفا فيه شيخه في شرح منهجه. وقال الزركشي: أما غير الجبهة من الأعضاء إذا أوجبنا وضعه فلا يشترط فيها التحامل، وحكي عن الإمام أن الذي صححه الأئمة أن يضع أطراف الأصابع على الأرض من غير تحامل عليها اه. وقال المصنف في تحقيقه: ويندب أن يضع كفيه حذو منكبيه وينشر أصابعهما مضمومة للقبلة ويعتمد عليهما. (وأن لا يهوي لغيره) أي السجود بأن يهوي له أو من غير قصد كما مر في الركوع، (فلو سقط لوجهه) أي عليه من الاعتدال (وجب العود إلى الاعتدال) ليهوي منه لانتفاء الهوي في السقوط، فإن سقط من الهوي لم يلزمه العود بل يحسب ذلك سجودا، إلا إن قصد بوضع الجبهة الاعتماد عليها فقط فإنه يلزمه إعادة السجود لوجود الصارف. ولو سقط من الهوي على جنبه فانقلب بنية السجود، أو بلا نية، أو بنيته ونية الاستقامة وسجد أجزأه، فإن نوى الاستقامة فقط لم يجزه لوجود الصارف، بل يجلس ثم يسجد، ولا يقوم ثم يسجد، فإن قام عامدا