الأربعة فكان تأثيرها باختلاف النية أشد. فالعبادة في قطع النية أضرب: الأول الايمان والصلاة، يبطلان بنية الخروج وبالتردد. الثاني: الحج والعمرة، لا يبطلان بهما. الثالث: الصوم والاعتكاف، الأصح أنهما لا يبطلان. الرابع: الوضوء، لا يبطل بنية الخروج بعد الفراغ على المذهب ولا بالتردد فيه قطعا. ولا أثر للوساوس الطارقة للفكر بلا اختيار بأن وقع في فكره أنه لو تردد في الصلاة كيف يكون الحال فقد يقع مثله في الايمان بالله تعالى.
فروع: لو علق الخروج من الصلاة بحصول شئ بطلت في الحال ولو لم يقطع بحصوله كتعليقه بدخول شخص، وفارق ذلك ما لو نوى في الركعة الأولى أن يفعل في الثانية فعلا مبطلا لصلاة كتكلم وأكل حيث لا تبطل في الحال بأنه هنا ليس بجازم وهناك جازم، والمحرم عليه إنما هو فعل المنافي للصلاة ولم يأت به. ولو شك هل أتى بتمام النية أو لا أو هل نوى ظهرا أو عصرا، فإن تذكر بعد طول زمان أو بعد إتيانه بركن ولو قوليا كالقراءة بطلت صلاته لانقطاع نظمها وندرة مثل ذلك في الأولى، ولتقصيره بترك التوقف إلى التذكر في الثانية وإن كان جاهلا إذا كان من حقه أن لا يأتي به ويتوقف عن الاتيان به، بخلاف من زاد في صلاته ركنا ناسيا إذ لا حيلة في النسيان، ذكره في المجموع. وبعض الركن القولي فيما ذكر ككله، ومحله إذا طال زمن الشك أو لم يعد ما قرأه فيه. وألحق البغوي في فتاويه قراءة السور به فيما ذكر بقراءة الفاتحة، وفيها عن الأصحاب أنه لو ظن أنه في صلاة أخرى فأتم عليه صحت صلاته اه. فإن تذكر قبل طول الزمان وإتيانه بركن لم تبطل لكثرة عروض مثل ذلك. وقول ابن المقري تبعا للقمولي أنه لو قنت في سنة الفجر ظانا أنها الصبح وطال الزمان أو أتى بركن ثم تذكر بطلت. قال شيخي: ضعيف لمخالفته لما نقله البغوي عن الأصحاب في المسألة التي قبل هذه، ولو شك في الطهارة وهو جالس للتشهد الأول فقام إلى الثالثة ثم تذكر الطهارة بطلت صلاته كما لو شك في النية ثم تذكر بعد إحداث فعل، بخلاف ما لو قام ليتوضأ فتذكر فإنها لا تبطل بل يعود ويبني ويسجد للسهو. (الثالث) من أركان الصلاة: (القيام في فرض القادر) عليه ولو بمعين بأجرة فاضلة عن مؤنته ومؤنة ممونه يومه وليلته فيجب حالة الاحرام به، وهذا معنى قول الروضة كأصلها يجب أن يكبر قائما حيث يجب القيام، لخبر البخاري عن عمران بن حصين: كانت بي بواسير فسألت النبي (ص) عن الصلاة، فقال: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، زاد النسائي: فإن لم تستطع فمستلقيا، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وأجمع الأمة على ذلك، وهو معلوم من الدين بالضرورة. وخرج بالفرض النفل وبالقادر العاجز وسيأتي حكمهما، لكنه أفهم صحة صلاة الصبي قاعدا مع القدرة على القيام، والأصح كما في البحر خلافه، ومثل صلاة الصبي الصلاة المعتادة. واستثنى بعضهم من كلامه مسائل: منها ما لو خاف راكب السفينة غرقا أو دوران رأس فإنه يصلي من قعود ولا إعادة عليه. ومنها ما لو كان به سلس بول لو قام سال بوله وإن قعد لم يسل فإنه يصلي من قعود على الأصح بلا إعادة. ومنها ما لو قال طبيب ثقة لمن بعينه ماء: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك، فله ترك القيام على الأصح، ولو أمكن المريض القيام منفردا بلا مشقة ولم يمكنه ذلك في جماعة إلا أن يصلي بعضها قاعدا فالأفضل الانفراد، وتصح مع الجماعة وإن قعد في بعضها كما في زيادة الروضة.
ومنها ما لو كان للغزاة رقيب يرقب العدو ولو قام لرآه العدو، أو جلس الغزاة في مكمن ولو قاموا لرآهم العدو وفسد تدبير الحرب، صلوا قعودا ووجبت الإعادة على المذهب لندرة ذلك، لا إن خافوا قصد العدو لهم، فلا تلزمهم الإعادة كما صححه في التحقيق، ونقله في الروضة عن تصحيح المتولي، وقيل: تلزمهم الإعادة كما نقله الروياني عن النص. وعلى الأول يفرق بأن العذر هنا أعظم منه ثم، وفي الحقيقة لا استثناء، لأن من ذكر عاجز إما لضرورة التداوي، أو خوف الغرق، أو الخوف على المسلمين، أو نحو ذلك، فتناوله كلامه. فإن قيل: لم أخر القيام عن النية والتكبير مع أنه مقدم عليهما؟
أجيب بأنهما ركنان في الصلاة مطلقا وهو ركن في الفريضة فقط، فلذا قدما عليه. (وشرطه) أي القيام، (نصب فقاره) أي المصلي، وهو بفتح الفاء عظام من الظهر أو مفاصله، لأن اسم القيام دائر معه، لا نصب رقبته لما مر أنه يستحب إطراق الرأس. (فإن وقف