مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٦٣
رفع الصوت بقراءة القرآن إذا لم يخف رياء ولم يتأذ به أحد، وإلا فالاسرار أفضل. وهذا جمع بين الاخبار المقتضية لأفضلية الاسرار والاخبار المقتضية لأفضلية الرفع اه‍. ويقاس على ذلك من يجهر بالذكر أو القراءة بحضرة من يطالع أو يدرس أو يصنف كما أفتى به شيخي قال: ولا يخفى أن الحكم على كل من الاسرار والجهر بكونه سنة من حيث ذاته. واختلفوا في التوسط فقال بعضهم: يعرف بالمقايسة بين الجهر والاسرار كما أشار إليه بقوله تعالى: * (ولا تجهر بصلاتك) * الآية. وقال بعض آخر: يجهر تارة ويسر أخرى كما ورد في فعله (ص) في صلاة الليل، والأول أولى. ويندب للإمام أن يسكت بعد تأمينه في الجهرية قدر قراءة المأموم الفاتحة، ويشتغل حينئذ بذكر أو دعاء أو قراءة سرا، وجزم به في المجموع، والقراءة أولى.
فائدة: السكتات المندوبة في الصلاة أربعة: سكتة بعد تكبيرة الاحرام يفتتح فيها، وسكتة بين ولا الضالين وآمين، وسكتة للإمام بين التأمين في الجهرية وبين قراءة السورة بقدر قراءة المأموم الفاتحة، وسكتة قبل تكبيرة الركوع. قال في المجموع: وتسمية كل من الأولى والثانية سكتة مجاز، فإنه لا يسكت حقيقة لما تقرر فيها. وعدها الزركشي خمسة: الثلاثة الأخيرة، وسكتة بين تكبيرة الاحرام والافتتاح والقراءة، وعليه لا مجاز إلا في سكتة الإمام بعد التأمين والمشهور الأول. (ويسن للصبح والظهر طوال المفصل) بكسر الطاء جمع، والمفرد طويل وطوال بضم الطاء وتخفيف الواو، فإذا أفرط في الطول شددتها. (وللعصر والعشاء أوساطه) وسنية هذا في الإمام مقيدة كما في المجموع وغيره برضا مأمومين محصورين. (وللمغرب قصاره) لخبر النسائي في ذلك. وظاهر كلام المصنف التسوية بين الصبح والظهر، ولكن المستحب أن يقرأ في الظهر قريب من الطوال كما في الروضة كأصلها. والحكمة في ذلك أن وقت الصبح طويل، والصلاة ركعتان فحسن تطويلهما، ووقت المغرب ضيق فحسن فيه القصار، وأوقات الظهر والعصر والعشاء طويلة لكن الصلوات أيضا طويلة، فلما تعارض ذلك رتب عليه التوسط في غير الظهر وفيها قريب من الطوال. واستثنى الشيخ أبو محمد في مختصره والغزالي في الخلاصة والاحياء صلاة الصبح في السفر، فالسنة فيها أن يقرأ في الأولى: * (قل يا أيها الكافرون) *، وفي الثانية الاخلاص. والمفصل المبين المميز، قال تعالى: * (كتاب فصلت آياته) * أي جعلت تفاصيل في معان مختلفة من وعد ووعيد وحلال وحرام وغير ذلك، وسمي بذلك لكثرة الفصول فيه بين السور، وقيل لقلة المنسوخ فيه. وآخره * (قل أعوذ برب الناس) *، وفي أوله عشرة أقوال للسلف، قيل: الصافات، وقيل: الجاثية، وقيل: القتال، وقيل: الفتح، وقيل: الحجرات، وقيل: قاف، وقيل: الصف، وقيل: تبارك، وقيل: سبح، وقيل: الضحى. ورجح المصنف في الدقائق والتحرير أنه الحجرات. وعلى هذا طواله كالحجرات واقتربت والرحمن، وأوساطه كالشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، وقصاره كالعصر وقل هو الله أحد. وقيل: طواله من الحجرات إلى عم، ومنها إلى الضحى أوساطه، ومنها إلى آخر القرآن قصاره.
فائدة: قال ابن عبد السلام: القرآن ينقسم إلى فاضل ومفضول كآية الكرسي وتبت، فالأول كلام الله في الله، والثاني كلام الله في غيره، فلا ينبغي أن يداوم على قراءة الفاضل ويترك المفضول لأن النبي (ص) لم يفعله، ولأنه يؤدي إلى هجران بعض القرآن ونسيانه. (ولصبح الجمعة في الأولى ألم تنزيل، وفي الثانية هل أتى) بكمالهما للاتباع رواه الشيخان. فإن ترك ألم في الأولى سن أن يأتي بها في الثانية، فإن اقتصر على بعضهما أو قرأ غيرهما خالف السنة.
قال الفارقي: ولو ضاق الوقت عنهما أتى بالممكن ولو آية السجدة وبعض * (هل أتى على الانسان) *، قال الأذرعي:
ولم أره لغيره. وعن أبي إسحاق وابن أبي هريرة: لا تستحب المداومة عليهما ليعرف أن ذلك غير واجب. وقيل للشيخ عماد الدين بن يونس: إن العامة صاروا يرون قراءة السجدة يوم الجمعة واجبة وينكرون على من تركها فقال: تقرأ في وقت وتترك في وقت فيعلمون أنها غير واجبة. (الخامس) من الأركان: (الركوع) لقوله تعالى: * (اركعوا) * ولخبر:
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532