بها كما يعلم مما قدرته، وإنما فصل بينهما بذلك ليتميز عن القراءة. ولا يفوت التأمين إلا بالشروع في غيره على الأصح كما في المجموع، وقيل في الركوع، واختص بالفاتحة لأن نصفها دعاء فاستحب أن يسأل الله تعالى إجابته. ولا يسن عقب بدل الفاتحة من قراءة ولا ذكر كما هو مقتضى كلامهم، وقال الغزي: ينبغي أن يقال إن تضمن ذلك دعاء استحب، وما بحثه صرح به الروياني.
فائدة: روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا: حسدنا اليهود على القبلة التي هدينا إليها وضلوا عنها، وعلى الجمعة، وعلى قولنا خلف الإمام آمين. ويجوز في عقب ضم العين وإسكان القاف، وأما قول كثير من الناس عقيب بياء بعد القاف، فهي لغة قليلة. وآمين: اسم فعل بمعنى استجب، وهي مبنية على الفتح مثل كيف وأين. (خفيفة الميم بالمد) هذه هي اللغة المشهورة الفصيحة. قال الشاعر:
آمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أبلغها ألفين أمينا (ويجوز القصر) لأنه لا يخل بالمعنى. وحكى الواحدي مع المد لغة ثالثة، وهي الإمالة، وحكي التشديد مع القصر والمد:
أي قاصدين إليك وأنت أكرم أن لا تخيب من قصدك. وهو لحن، بل قيل إنه شاذ منكر، ولا تبطل به الصلاة لقصده الدعاء به كما صححه في المجموع. قال في الام: ولو قال آمين رب العالمين وغير ذلك من الذكر كان حسنا. (ويؤمن مع تأمين إمامه) لا قبله ولا بعده لخبر: إذا أمن الإمام فأمنوا، فإن من وافق تأمينه الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وخبر: إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه رواهما الشيخان. وليس لنا ما تستحب فيه مقارنة الإمام سوى هذه، لأن التأمين للقراءة لا للتأمين وقد فرغ منها، وبذلك علم أن المراد بقوله: إذا أمن الإمام إذا أراد التأمين، ومعنى موافقة الملائكة أن يوافقهم في الزمن، وقيل في الصفات من الاخلاص وغيره. والمراد بالملائكة هنا الحفظة، وقيل غيرهم، لخبر: فوافق قوله قول أهل السماء. وأجاب الأول بأنه إذا قالها الحفظة قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء. قال شيخنا: ولو قيل بأنهم الحفظة وسائر الملائكة لكان أقرب. فإن لم تتفق موافقته أمن عقبه، فإن لم يؤمن الإمام أو لم يسمعه أو لم يدر هل أمن أو لا، أمن هو. ولو أخر الإمام التأمين عن وقته المندوب أمن المأموم. قال في المجموع: ولو قرأ معه وفرغا معا كفى تأمين واحد، أو فرغ قبله قال البغوي: ينتظره، والمختار أو الصواب أنه يؤمن لنفسه ثم للمتابعة. (ويجهر به) المأموم في الجهرية (في الأظهر) تبعا لإمامه للاتباع، رواه ابن حبان وغيره، وصححوه مع خبر: صلوا كما رأيتموني أصلي. والثاني: يسر كسائر أذكاره، وقيل:
إن كثر الجمع جهر وإلا فلا. أما الإمام والمنفرد فيجهران قطعا، وقيل فيهما وجه شاذ. وأما السرية فيسرون فيها جميعهم كالقراءة. قال في المجموع: ومحل الخلاف إذا أمن الإمام فإن لم يؤمن استحب للمأموم التأمين جهرا قطعا ليسمعه الإمام فيأتي به اه. وجهر الأنثى والخنثى بالتأمين كجهرهما بالقراءة، وسيأتي.
فائدة: يجهر المأموم خلف الإمام في خمسة مواضع: أربعة مواضع تأمين، يؤمن مع تأمين الإمام، وفي دعائه في قنوت الصبح، وفي قنوت الوتر في النصف الثاني من رمضان، وفي قنوت النازلة في الصلوات الخمس، وإذا فتح عليه.
(وتسن) للإمام والمنفرد (سورة) يقرؤها في الصلاة (بعد الفاتحة) ولو كانت الصلاة سرية، (إلا في الثالثة) من المغرب وغيرها، (والرابعة) من الرباعية (في الأظهر) للاتباع في الشقين، رواه الشيخان. ومقابل الأظهر دليله الاتباع في حديث مسلم، والاتباعان في الظهر والعصر، ويقاس عليهما غيرهما، والسورة على الثاني أقصر كما اشتمل عليه الحديث، وسيأتي آخر الباب سن تطويل قراءة الأولى على الثانية في الأصح، وكذا الثالثة على الرابعة على الثاني. قال الشارح:
ثم في ترجيحهم الأول تقديم لدليله النافي على دليل الثاني المثبت عكس الراجح في الأصول لما قام عندهم في ذلك اه.
ويظهر أنهم إنما قدموه لتقويته بحديث الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه: كان رسول الله (ص)