مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٦١
بها كما يعلم مما قدرته، وإنما فصل بينهما بذلك ليتميز عن القراءة. ولا يفوت التأمين إلا بالشروع في غيره على الأصح كما في المجموع، وقيل في الركوع، واختص بالفاتحة لأن نصفها دعاء فاستحب أن يسأل الله تعالى إجابته. ولا يسن عقب بدل الفاتحة من قراءة ولا ذكر كما هو مقتضى كلامهم، وقال الغزي: ينبغي أن يقال إن تضمن ذلك دعاء استحب، وما بحثه صرح به الروياني.
فائدة: روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا: حسدنا اليهود على القبلة التي هدينا إليها وضلوا عنها، وعلى الجمعة، وعلى قولنا خلف الإمام آمين. ويجوز في عقب ضم العين وإسكان القاف، وأما قول كثير من الناس عقيب بياء بعد القاف، فهي لغة قليلة. وآمين: اسم فعل بمعنى استجب، وهي مبنية على الفتح مثل كيف وأين. (خفيفة الميم بالمد) هذه هي اللغة المشهورة الفصيحة. قال الشاعر:
آمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أبلغها ألفين أمينا (ويجوز القصر) لأنه لا يخل بالمعنى. وحكى الواحدي مع المد لغة ثالثة، وهي الإمالة، وحكي التشديد مع القصر والمد:
أي قاصدين إليك وأنت أكرم أن لا تخيب من قصدك. وهو لحن، بل قيل إنه شاذ منكر، ولا تبطل به الصلاة لقصده الدعاء به كما صححه في المجموع. قال في الام: ولو قال آمين رب العالمين وغير ذلك من الذكر كان حسنا. (ويؤمن مع تأمين إمامه) لا قبله ولا بعده لخبر: إذا أمن الإمام فأمنوا، فإن من وافق تأمينه الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وخبر: إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه رواهما الشيخان. وليس لنا ما تستحب فيه مقارنة الإمام سوى هذه، لأن التأمين للقراءة لا للتأمين وقد فرغ منها، وبذلك علم أن المراد بقوله: إذا أمن الإمام إذا أراد التأمين، ومعنى موافقة الملائكة أن يوافقهم في الزمن، وقيل في الصفات من الاخلاص وغيره. والمراد بالملائكة هنا الحفظة، وقيل غيرهم، لخبر: فوافق قوله قول أهل السماء. وأجاب الأول بأنه إذا قالها الحفظة قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء. قال شيخنا: ولو قيل بأنهم الحفظة وسائر الملائكة لكان أقرب. فإن لم تتفق موافقته أمن عقبه، فإن لم يؤمن الإمام أو لم يسمعه أو لم يدر هل أمن أو لا، أمن هو. ولو أخر الإمام التأمين عن وقته المندوب أمن المأموم. قال في المجموع: ولو قرأ معه وفرغا معا كفى تأمين واحد، أو فرغ قبله قال البغوي: ينتظره، والمختار أو الصواب أنه يؤمن لنفسه ثم للمتابعة. (ويجهر به) المأموم في الجهرية (في الأظهر) تبعا لإمامه للاتباع، رواه ابن حبان وغيره، وصححوه مع خبر: صلوا كما رأيتموني أصلي. والثاني: يسر كسائر أذكاره، وقيل:
إن كثر الجمع جهر وإلا فلا. أما الإمام والمنفرد فيجهران قطعا، وقيل فيهما وجه شاذ. وأما السرية فيسرون فيها جميعهم كالقراءة. قال في المجموع: ومحل الخلاف إذا أمن الإمام فإن لم يؤمن استحب للمأموم التأمين جهرا قطعا ليسمعه الإمام فيأتي به اه‍. وجهر الأنثى والخنثى بالتأمين كجهرهما بالقراءة، وسيأتي.
فائدة: يجهر المأموم خلف الإمام في خمسة مواضع: أربعة مواضع تأمين، يؤمن مع تأمين الإمام، وفي دعائه في قنوت الصبح، وفي قنوت الوتر في النصف الثاني من رمضان، وفي قنوت النازلة في الصلوات الخمس، وإذا فتح عليه.
(وتسن) للإمام والمنفرد (سورة) يقرؤها في الصلاة (بعد الفاتحة) ولو كانت الصلاة سرية، (إلا في الثالثة) من المغرب وغيرها، (والرابعة) من الرباعية (في الأظهر) للاتباع في الشقين، رواه الشيخان. ومقابل الأظهر دليله الاتباع في حديث مسلم، والاتباعان في الظهر والعصر، ويقاس عليهما غيرهما، والسورة على الثاني أقصر كما اشتمل عليه الحديث، وسيأتي آخر الباب سن تطويل قراءة الأولى على الثانية في الأصح، وكذا الثالثة على الرابعة على الثاني. قال الشارح:
ثم في ترجيحهم الأول تقديم لدليله النافي على دليل الثاني المثبت عكس الراجح في الأصول لما قام عندهم في ذلك اه‍.
ويظهر أنهم إنما قدموه لتقويته بحديث الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه: كان رسول الله (ص)
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532