حضره طعام وتاق إليه والمتيمم الذي يتيقن الماء في آخر الوقت كذا المريض الذي لا يقدر على القيام أول الوقت ويعلم قدرته عليه في آخره بالعادة والمنفرد الذي يعلم حضور الجماعة في آخر الوقت إذا قلنا يستحب لها التأخير على ما سبق في باب التيمم * قال المصنف رحمه الله * * (واما الظهر فإنه إن كان في غير حر شديد فتقديمها أفضل لما ذكرناه وإن كان في حر شديد وتصلي جماعة في موضع تقصده الناس من البعد استحب الابراد بها بقدر ما يحصل فيئ يمشي فيه القاصد إلى الصلاة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فان شدة الحر من فيح جهنم) وفى صلاة الجمعة وجهان أحدهما انها كالظهر لما روى أنس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا اشتد البرد بكربها وإذا اشتد الحر أبرد بها والثاني تقديمها أفضل بكل حال لان الناس لا يتأخرون عنها لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها فلم يكن للتأخير وجه:) * * * (الشرح) * حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم وفيح جهنم بفتح الفاء واسكان الياء المثناة تحت وبالحاء وهو غليانها وانتشار لهبها ووهجها وحديث أنس رضي الله عنه في صحيح البخاري لكن لفظه عن أنس رضي الله عنه قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعنى الجمعة " هذا لفظه وترجم له البخاري باب " إذا اشتد الحر يوم الجمعة " * اما حكم المسألة فتقديم الظهر في أول وقتها في غير شدة الحر أفضل بلا خلاف لما سبق من الأحاديث اما في شدة الحر لمن يمضى إلى جماعة وطريقه في الحر فالابراد بها سنة مستحبة على المذهب الصحيح الذي نص عليه الشافعي وقطع به جمهور العراقيين والخراسانيين وفيه وجه شاذ حكاه الخراسانيون أن الايراد رخصة وانه لو تكلف المشقة وصلي في أول الوقت كان أفضل هكذا حكاه جماعات من الخراسانيين والقاضي أبو الطيب في تعليقه بهذا اللفظ ومنهم أبو علي السنجي في شرح التلخيص وزعم أنه الأصح وليس كما قال بل هذا الوجه غلط منابذ للسنن المتظاهرة فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالابراد وانه فعله قال أصحابنا والحكمة فيه أن الصلاة في شدة الحر والمشي إليها يسلب الخشوع أو كماله فاستحب التأخير لتحصيل الخشوع كمن حضره طعام تتوق نفسه إليه أو كان يدافع الأخبثين وحقيقة الابراد أن يؤخر الصلاة عن أول الوقت
(٥٩)