أما حكم المسألة فستر العورة عن العيون واجب بالاجماع لما سبق من الأدلة وأصح الوجهين وجوبه في الخلوة لما ذكرنا من حديث بهز وغيره وممن نص على تصحيحه المصنف والبندنيجي فان احتاج إلى الكشف جاز أن يكشف قدر الحاجة فقط هكذا قاله الأصحاب وقول المصنف فان اضطر محمول على الحاجة لا على حقيقة الضرورة ولو قال احتاج كما قال الأصحاب لكان أصوب لئلا يوهم اشتراط الضرورة فمن الحاجة حالة الاغتسال يجوز في الخلوة عاريا والأفضل التستر بمئزر وقد سبق بيان هذا واضحا في باب صفة الغسل والله أعلم * * قال المصنف رحمه الله * * (يجب ستر العورة للصلاة لما روى عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " فان انكشف شئ من العورة مع القدرة لم تصح صلاته) * * (الشرح) * هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم والمراد بالحائض التي بلغت سميت حائضا لأنها بلغت سن الحيض هذا هو الصواب في العبارة عنها ويقع في كثير من كتب شروح الحديث وكتب الفقه أن المراد بالحائض التي بلغت سن المحيض وهذا تساهل لأنها قد تبلغ سن المحيض ولا تبلغ البلوغ الشرعي ثم إن التقييد بالحائض خرج على الغالب وهو أن التي دون البلوغ لا تصلى وإلا فلا يقبل صلاة الصبية المميزة الا بخمار: واعلم أن الحديث مخصوص بالحرة والا فالأمة تصح صلاتها مكشوفة الرأس: أما حكم المسألة فستر العورة شرط لصحة الصلاة فان انكشف شئ من عورة المصلي لم تصح صلاته سواء أكثر المنكشف أم قل وكان أدنى جزء وسواء في هذا الرجل والمرأة وسواء المصلى في حضرة الناس والمصلى في الخلوة وسواء صلاة النفل والفرض والجنازة والطواف وسجود التلاوة والشكر ولو صلي في سترة ثم بعد الفراغ علم أنه كان فيها خرق تبين منه العورة وجبت إعادة الصلاة على المذهب سواء كان علمه ثم نسيه أم لم يكن علمه وفيه الخلاف السابق فيمن صلي بنجاسة جهلها أو نسيها فان احتمل حدوث الخرق بعد الفراغ من الصلاة فلا إعادة عليه بلا خلاف كما سبق في نظيره من النجاسة في آخر باب طهارة البدن *
(١٦٦)