فيكون دفع المال في مقابل عدم العدوان، لا من باب الصلح بين الطرفين. وكذا لو كان صاحب الحق مكرها على الصلح بالوجه المذكور لتهديد الطرف الآخر بالاضرار به إذا لم يصالحه ولو برفع أمره لحاكم الجور، لبطلان العقد مع الاكراه.
(مسألة 3): يجوز لصاحب الحق أن يصالح - تفاديا للنزاع - بما يشاء، وكذا لوكيله بإذنه. أما الولي فلا يصح منه الصلح المذكور إلا إذا كان بنظره صلاحا للمولى عليه، كما إذا لم يأمن القدرة على إثبات الحق له، أو كان ما يبذله عند الصلح دون مؤنة إثبات الحق أو بقدرها، أو خاف على المولى عليه من بقاء النزاع والخصومة، أو كان في الخصومة حرج على الولي لا يجب عليه تحمله لصالح المولى عليه. أما إذا كان لمصلحة الولي نفسه - تجنبا للخصومة أو غير ذلك - دون المولى عليه فلا يجوز له أن يصالح على بذل مال من المولى عليه إلا أن يضمنه له.
(مسألة 4): يجوز الصلح بنحو يقتضي تمييز الحق المشاع، كما إذا اشترك شخصان في فرس وبقرة فاصطلحا على أن تكون لأحدهما الفرس وللآخر البقرة، ولا يكون ذلك من القسمة.
(مسألة 5): يجوز الصلح عند اشتباه الحقوق بنحو يقتضي تعيين ما يستحقه كل طرف من أطراف الاشتباه، كما إذا كان لأحد شخصين كتاب وللآخر ثوب واشتبه مالك الكتاب بمالك الثوب، فيتصالحان على أن يكون لأحدهما المعين الثوب وللآخر الكتاب.
(مسألة 6): يجوز الصلح من صاحب الحق ومن وليه عند الشك في ثبوت الحق بنحو يقتضي رفع الشك، كما لو شك في اقتراض زيد من عمرو مبلغا من المال أو في وفاء القرض المذكور بعد ثبوته، فيتصالح على ثبوت نصفه مثلا. وفائدة الصلح المذكور الحل واقعا في المقدار المتصالح عليه بحيث لو انكشف الحال بعد ذلك لم يخرج عن مقتضى الصلح، أما بدونه فالعمل لصالح أحد الشخصين في تمام الحق المشتبه وإن كان لازما بمقتضى الأصل إلا أنه يقتضي الحل ظاهرا ما دام الجهل باقيا، ولا يقتضي الحل واقعا.
وهذه جهة مهمة كما قد تدعو صاحب الحق للتنازل عن بعض حقه قد