كالهبة والصدقة - أو معاوضية - كالبيع والإجارة - بل يمنع حتى عن اليمين والنذر والعهد المقتضية لصرف المال فلا تنفذ، دون التصرفات غير المالية كالطلاق والظهار، نعم الظاهر منعه عن النكاح لابتنائه على استحقاق المهر وإن لم يكن مقوما له.
(مسألة 9): كما يمنع السفيه من التصرفات المالية كذلك لا يقبل إقراره بها وبكل ما يرجع للمال كالاتلاف والسرقة. ولو أقر بنسب يستتبع الانفاق من ماله فالظاهر ثبوته وعدم وجوب الانفاق. نعم الظاهر قبول قوله من باب الشهادة لو كان عادلا، فيترتب عليه حكم الشاهد الواحد، دون حكم الاقرار.
(مسألة 10): لا يلغى إنشاء السفيه في الأمور المالية، بل يصح بإذن الولي، كما يصح تصرفه في مال غيره بإذنه، ولو أوقع العقد لنفسه من دون إذن الولي كان فضوليا موقوفا، فإذا أجازه الولي نفذ، وكذا إذا أوقع العقد على مال غيره من دون إذنه، ثم أجازه صاحب المال فهو كالصبي المميز في ذلك.
الرابع: الفلس، وهو أن تقصر أموال المدين عن ديونه التي عليه.
والمعروف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه يحجر على المفلس بشروط ثلاثة: ثبوت ديونه عند الحاكم الشرعي بالمقدار الزائد على أمواله، وحلولها، ومطالبة الغرماء بالتحجير عليه. فإن تمت الشروط المذكورة وجب على الحاكم التحجير عليه فإن حجر عليه منع من التصرف في أمواله، وثبت حق الغرماء فيها، وكان على الحاكم أن يتولى وفاء ديونهم منها.
لكن الأمر لا يخلو عن إشكال، والذي تقتضيه الأدلة أنه مع امتناع المدين عن وفاء الدين ورفع الأمر للحاكم الشرعي فإن الحاكم الشرعي يأمره بالوفاء إذا كان ذا مال، فإن امتنع تولي الحاكم وفاء ديونهم من ماله، عدا مستثنيات الدين المتقدمة، فإن قصر المال عن الديون وقع النقص عليها جميعا بالنسبة، وكذا إذا لم يمتنع وكان ماله قاصرا عنها. وإن طالب الغرماء باستسعائه في وفاء دينه كان لهم ذلك إذا كان لائقا به.
ومقتضى ذلك أنه بأمر الحاكم له بالوفاء تسلب سلطنته على ما له في خصوص التصرفات المانعة من وفاء ديونه به أو الموجبة لقصوره عن ذلك،